التحكيم فى المنازعات البحرية
بقلم الاستاذ الدكتور
محمود السيد عمر التحيوى
أستاذ قانون المرافعات المساعد
ورئيس قسم قانون المرافعات
بكلية الحقوق – جامعة المنوفية
فانه اذا كان من اللازم عند رفع الدعوى القضائية الى القاضى العام فى الدولة بيان موضوعها بعبارة صريحة ، وواضحة “المادة (63/2) من قانون المرافعات المصرى “، فانه يجب – ومن باب أولى – مراعاة ذلك فى التقاضى امام غير القضاء العام فى الدولة.
ويجب ان يتضمن الاتفاق على التحكيم تحديدا للنزاع الذى يدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، باعتبار ان حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ينبغى ان يكون شاملا له-دون غيره.
وفى صدد تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، فانه لا يعمل بالضابط المقرر فى قانون المرافعات المدنية ، والتجارية ، عند خلو صحيفة افتتاح الدعوى القضائية من بيان موضوعها ، وقائعها ، وأدلتها ، طلبات المدعى ، وأسانيدها” المادة (63/2) من قانون المرافعات المصرى “وما اذا كان يترتب البطلان جزاء نقص البيانات المتقدمة ، ام لايترتب ؟، وانما يكفى لصحة الاتفاق على التحكيم ان يذكر فيه موضوع التحكيم بوجه عام ، دون تفصيل اوجه النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم.
اكتفاء احكام القضاء بتحديد الاطراف المحتكمون للنزاع موضوع الاتفاق على التحكيم تحديدا عاما، دون تفصيل لأوجهه:
اكتفت احكام القضاء بتحديد الاطراف المحتكمون للنزاع موضوع الاتفاق على التحكيم تحديدا عاما، دون تفصيل لأوجهه، كأن يكتفى باتفاق الاطراف المحتكمين على التحكيم لتصفية حساب بينهم، او للفصل فى منازعات ناشئة عن تنفيذ عقد إيجار منزل احدهم ، او للفصل فى المنازعات الناشئة بين الزوجين ، فى نظام اشتراك الاموال الذى تم الزواج على أساسه .
وتطبيقا لذلك ، فقد قضى بانه:” عقد التحكيم الذى تكلف فيه هيئة التحكيم بالفصل فى النزاع القائم بين الاطراف المحتكمين بموجب الدعاوى القضائية القائمة بينهم امام المحاكم يعتبر صحيحا . اذ ان الاشارة الى تلك الدعاوى القضائية يعتبر تحديدا للنزاع موضوع الاتفاق على التحكيم “(1).
انظر : حكم محكمة التمييز المدنية اللبنانية – غرفة أولى القرار رقم (31) – الصادر فى (26) – سنة 1963 – النشرة القضائية (19) مشارا لهذا الحكم القضائى فى القانون القضاء المدنى – الاشارة المتقدمة . عكس هذا : حكم محكمة المنيا الابتدائية – الصادر فى 10 فبراير سنة 1949 .حيث قضى فيه بانه :” النص فى مشارطة التحكيم – اى وثيقة التحكيم الخاصة – على التحكيم المحكمين فى الفصل فى المنازعات التى تنشا بين الافراد ، والمرفوع بشأنها قضايا امام المحاكم ، هو نصا تعميميا- لا تحديد فيه ، وغير موضح فيه موضوع المنازعة محل التحكيم بالتصريح ، مما جعل عملية التحكيم باطلة “.
كما قضى بانه ” يمكن تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بأية عبارة نافية للجهالة ” يجب – وفى كل حالة – تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بشكل كاف :
ليسمح للقاضى العام فى الدولة المرفوع اليه الطعن باستئناف حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، او الدعوى القضائية الاصلية المبتداة، المرفوعة بطلب البطلان حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق التحكيم تقدير ما اذا كانت هيئة التحكيم قد التزمت بحدود المهمة التى عهد اليها القيام بها، من عدمه.
وتحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم يكون امرا لازما ، ولو كانت هيئة التحكيم قد عهد اليها بمهمة التحكيم ، مع تفويضها بالصلح بين الاطراف المحتكمين.
تفويض الوكيل فى التوكيل الخاص ، يجيز له تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، والمراد الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيم ، وتتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية .
- دون المحكمة المختصة بتحقيقه، والفصل فى موضوعه:
- فيجب ان يتضمن التوكيل الخاص بتفويض الوكيل تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، فاذا لم يتضمن التوكيل الخاص تحديده ، فان الموكل يكون قد ترك امر تحديده لتقدير الوكيل،وفوضه فى ذلك”.
- تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم هو مقتضى الرغبة فى الا ينزل الاطراف المحتكمون عن ولاية القضاء العام فى الدولة الا فى نزاع محدد، والسماح للقاضى العام فى الدولة المرفوع اليه الطعن باستئناف حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ،او الدعوى القضائية الاصلية المبتداة المرفوعة بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بتقدير ما اذا كانت هيئة التحكيم قد التزمت بحدود المهمة التحكيمية التى عهد اليها من قبل الاطراف المحتكمين ، ام لا؟:
فقد ترى المحكمة المرفوع اليها الطعن باستئناف حكم التحكيم الصادر موضوع الاتفاق على التحكيم ، او الدعوى القضائية الاصلية المبتداة المرفوعة بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ان هيئة التحكيم قد فصلت فيما لم يطلبه منها الاطراف المحتكمون ، او انها قد حكمت بأكثر مما طلبوه منها.
وقد قضت محكمة النقض المصرية بانه:” التحكيم طريقا استثنائيا لفض الخصومات قوامه الخروج على طريق التقاضى العادية ، وما تكلفه من ضمانات . ومن ثم ، فهو يكون مقصورا حتما على ما تنصرف ارادة الاطراف المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم ، ويجب ان تتضمن مشارطة التحكيم تعيينا لموضوع النزاع ، حتى تتحدد ولاية المحكمين ، ويتسنى رقابة مدى التزامهم بحدود ولايتهم “.وبمناسبة دعوى قضائية اصلية مبتداة ، مرفوعة بطلب بطلان مشارطة التحكيم ، على اساس انها قد تضمنت منازعات لايجوز الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم ، لتعلقها بالنظام العام فى القانون، او لدخولها فى دائرة الحقوق التى لايجوز التصرف فيها ، قضت محكمة النقض المصرية بانه:” لكى يتسنى لها بسط سلطانها ، لمراقبة ذلك ، يتعين على محكمة الموضوع ان تبين على نحو كاف موضوع النزاع – والواقع فى شأنه التحكيم – حتى يمكن التأكد مما اذا كان موضوع النزاع من نوع الحقوق التى يملك الاطراف المحتكمون مطلق التصرف فيها، فيصح التحكيم بشأنها”.
وفى قضية اخرى ، ربطت محكمة النقض المصرية بين ما أوجبته المادة (822) من قانون المرافعات المصرى السابق لسنة 1949 من اشتراط تضمين الاتفاق على التحكيم تعيينا لموضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، حتى تتحدد ولاية هيئة التحكيم ، ويتسنى رقابة مدى التزامها بحدود ولايتها، وبين كون التحكيم طريقا استثنائيا لفض الخصومات ، قوامه الخروج على التقاضى العادية ، وما تكفله من ضمانات . ومن ثم فهو مقصورا حتما على ما تنصرف ارادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم .
يجب بيان موضوع النزاع الذى يدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة فى مشارطة التحكيم ، او – على الاقل – فى اثناء المرافعة امام هيئة التحكيم:
حتى يكون النزاع محددا، وحكم التحكيم الصادر فيه شاملا له- دون غيره- فينشأ بذلك التحديد استعمال الحق المخول فى القانون ، وهو طلب بطلان حكم التحكيم الصادر فيه ، فتنص المادة (1448/1) من مجموعة المرافعات الفرنسية على انه:
“يجب ان تتضمن مشارط التحكيم تعيين موضوع النزاع والا وقعت باطلة “.
كما تنص المادة (10/2) من القانون الوضعى المصرى رقم(27) لسنة 1994فى شان التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية على انه:
“2- يجوز ان يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع ، سواء قام مستقلا بذاته، او ورد فى عقد معين بشأن كل او بعض المنازعات التى قد تنشأ بين الطرفين ، وفى هذه الحالة يجب ان يحدد موضوع النزاع فى بيان الدعوى المشار اليه فى الفقرة الاولى من المادة (30) من هذا القانون. كما يجوز ان يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى امام جهة قضائية ، وفى هذه الحالة يجب يحدد الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم والا كان الاتفاق باطلا.
3- ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل احالة ترد فى العقد الى وثيقة تتضمن شرط التحكيم اذا كانت الاحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”(1) .
ومفاد النصوص المتقدمة ، ان تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم يمكن ان يتحقق فى أشكال مختلفة ، وتختلف طريقة تحديده بحسب الصورة التى يتخذها الاتفاق على التحكيم – شرطا كان ، ام مشارطة .
اولا- تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بالنسبة لمشارطة التحكيم :
قد يكون ت تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم واردا فى وثيقة التحكيم ذاتها ، اى مشارطة التحكيم المبرمة بين الاطراف المحتكمين ، لمواجهة منازعة قائمة بالفعل بينهم، وناشئة عن علاقة قانونية محددة – سواء كانت علاقة عقدية ، أم غير عقدية- فهى بطبيعتها تتضمن التحكيم فى نزاع معين ، ومحدد بين الاطراف المحتكمين . وعندئذ ، يجب ان تتضمن ابتداء تحديدا لموضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، والا كانت باطلة .
يتحدد موضوع النزاع فى مشارطة التحكيم التى تبرم بعد نشأة النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم بمعرفة الاطراف المحتكمون أنفسهم:
يتحدد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم فى مشارطة التحكيم التى تبرم بعد نشأة النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم بمعرفة الاطراف المحتكمون أنفسهم ، فتنص المادة (1448/1) من مجموعة المرافعات الفرنسية على انه:
“يجب ان يحدد الخصوم موضوع النزاع فى مشارطة التحكيم ، والا كانت باطلة” .
كما تنص المادة (10/2) من القانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية على انه:
“. . . كما يجوز ان يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى امام جهة قضائية وفى هذه الحالة يجب ان يحدد الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم ، والا كان الاتفاق باطلا”.
- كانت المادة (501/3) من قانون المرافعات الحالى رقم (13) لسنة 1968- والملغاة بواسطة القانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية – تنص على انه:
“يجب ان يحدد موضوع النزاع فى وثيقة التحكيم ، او اثناء المرافعة ولو كان المحكمين مفوضين بالصلح، والا كان التحكيم باطلا”.
ثانيا- تحديد النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم بالنسبة لشرط التحكيم:
قد يكون تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم واردا فى شرط التحكيم ، والمدرج فى عقد من العقود – سواء كان عقدا مدنيا ، ام عقدا تجاريا، ام عقدا ادرايا ، او فى طلب التحكيم :
فتنص المادة (1445) من مجموعة المرافعات الفرنسية على انه:
” النزاع يرفع امام هيئة التحكيم بواسطة المحكمين معا او بواسطة الخصم صاحب المصلحة فى التعجيل برفع الدعوى امام هيئة التحكيم”، وهو ما يعنى ، ان موضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم قد يحدد بمعرفة خصم واحد ، وهو نفس المعنى الذى نصت عليه المادة (10/2) من القانون الوضعى المصرى رقم(27) لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية عندما أجازت تحديد موضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم فى بيان الدعوى ، والذى يجب على المدعى ان يرسله الى المدعى عليه عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم.
ويمكن القول بالنسبة لشرط التحكيم بان المنازعات موضوعه تحدد بانها الناشئة عن تفسير ، او تنفيذ عقد معين . ويعتبر باطلا العقد المبرم بين شخصين ، والذى يتفق فيه على عرض اى نزاع ينشأ بينهما فى المستقبل على هيئة تحكيم ، وتتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، للفصل فيه.
لا يشترط ان يرد تحديد النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم فى ذات العقد المتضمن شرط التحكيم ، وانما يمكن ان يشير هذا العقد الى عقد ، او عمل قانونى اخر ، بل من الممكن تحديد النزاع بعد ذلك اثناء المرافعة امام هيئة التحكيم :
ذلك انه وان كان شرط التحكيم يحصل عند إبرام العقود ، وكان الغرض منه اخضاع ما ينشأ عن هذه العقود من منازعات فى المستقبل لنظام التحكيم ، فانه لا يتصور ان يتضمن هذا الشرط موضوع نزاع لم ينشأ بالفعل بين الاطراف المحتكمين .
يجب ان يتضمن شرط التحكيم الالتزام الاساسى لأطرافه المحتكمين ، والا وهو التزامهم بحل المنازعات المستقبلية ، والتى يمكن ان تنشأ عن تفسير ، او تنفيذ العقد الاصلى مصدر الرابطة القانونية عن طريق نظام التحكيم :
بحيث اذا خلا شرط التحكيم من هذا الالتزام ،فانه يكون فقد مغزاه، لانه يكون واردا حينئذ على غير محل ، ويمثل هذا الالتزام الحد الادنى لمضمون شرط التحكيم ، والذى اذا تخلف ، فان شرط التحكيم يكون قد فقد ركن المحل ، والخاص بتحديد النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم.
يجوز للاطراف المحتكمين اضافة بيانات اخرى اختيارية، يتحدد بها مضمون شرط التحكيم :
فيجوز مثلا ان يتضمن شرط التحكيم الاتفاق على قصره على بعض المنازعات المحتملة – دون غيرها (1) – او الاتفاق على الحدود التى تتقيد بها هيئة التحكيم عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم ، او على القواعد ، والاجراءات الوجبة الاتباع امامها ، او تخويلها صفة هيئة التحكيم المفوضة بالصلح بين الاطراف المحتكمين ، او استبعاد اى طريق من طرق الطعن الجائزة ضد حكم التحكيم الصادر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، او الاحتفاظ بحق الطعن فيه امام درجة أعلى من درجات التقاضى ، بطبيعة الحال فى حدود ما يسمح به القانون.
- فكما يجوز ان يتضمن شرط التحكيم نصا بالفصل فى جميع المنازعات التى يمكن ان تنشأ فى المستقبل عن تفسير عقد من العقود ، او تنفيذه عن طريق نظام التحكيم ، وبدون تحديد مواطن النزاع، فانه يجوز كذلك ان يقتصر شرط التحكيم على النص على الفصل فى بعض المنازعات المحتملة ، وغير المحددة ، والتى يمكن ان تنشأ بين الاطراف المحتكمين عن تفسير عقد من العقود ، او تنفيذه فى المستقبل ، اى جزء فقط من تلك المنازعات المحتملة ، وغير المحددة ،.
فقد يتفق الاطراف المحتكمون فى شرط التحكيم على ان يكون التحكيم كليا ، اى شاملا لجميع المنازعات المتعلقة بتفسير عقد من العقود ، او بتنفيذه- سواء كانت ذات طابعا قانونيا ، ام فنيا ام ماليا، ام اقتصاديا – وقد يكون اتفاقهم على التحكيم جزئيا ، يشتمل على بعض انواع من المنازعات المتقدمة – كالمنازعات القانونية ، او المنازعات ذات الطابع الفنى فقط.
والتزام اطراف شرط التحكيم بالفصل فيما يثور بينهم من منازعات محتملة ، وغبر محددة فى المستقبل عن طريق نظام التحكيم يتحدد – وبطبيعة الحال- بالمنازعات التى يجوز الفصل فيها بهذا الطريق ، بحيث يكون شرط التحكيم باطلا ، متى تعلق بغير هذه المنازعات .
اختلاف المضمون الالتزام الخاص بتحديد المنازعات المراد الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم فى شرط التحكيم عن مشارطته يكون امرا طبيعيا:
لان مشارطة التحكيم تقتضى ان تكون معلومة ، بخلاف شرط التحكيم ، والذى يتقرر بين اطراف عقد من العقود – وأيا كانت طبيعته- اى قبل نشأة النزاع، فهو- وبطبيعة الحال- يواجه منازعات محتملة وغير محددة ، يمكن ان تنشأ بين الاطراف المحتكمين فى المستقبل عن العقد الاصلى مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمن شرط التحكيم ، فمشارطة التحكيم تختلف عن شرطه ، فى تبيانها بوضوح لموضوع النزاع المراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم . اما شرط التحكيم ، فانه يرد على نزاع محتمل ، وغير محدد ، وفيه ينزل الاطراف المحتكمون بالفعل عن الالتجاء الى القضاء العام فى الدولة ، فيما لو نشأ نزاعا عن تفسير العقد الاصلى مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمن شرط التحكيم ، او تنفيذه . بل وفى كثير من الاحيان ، تتم مشارط الحكيم اثناء نظر الخصومة امام القضاء فى الدولة ، ويتفق اطرافها على وقف السير فيها ، عملا بنص المادة (128) من قانون المرافعات المصرى ، حتى يتهيأ لهم الجو الملائم لإتمام عملية التحكيم ، والوصول لتسوية النزاع بينهم بشكل مناسب.
تفسير القضاء العام فى الدولة للأثر السلبي للاتفاق على التحكيم :
فكرة عامة عن تفسير العقود بصفة عامة:
لتحديد مضمون اى عقد ، يلزم ان نعرف معنى العبارات التى يتضمنها : وقد تكون هذه العبارات ، او بعضها غامضة . وعندئذ ، يلزم التفسير ، لاستجلاء المعنى . استخلاص معنى العقد إنما يكون بتحديد ما قصدته الارادة المشتركة لعاقديه: فما ترتضيه احد الطرفين وحدها ، لا يعتبر من احكام العقد.
وتكون الارادة المشتركة لطرفى العقد امرا معنويا ، ولكنه يستخلص اساسا من عبارة العقد ، فضلا عن الظروف ، والملابسات التى تكتنف إبرامه.
تتخذ عبارة العقد احدى صورتين أساسيتين : الصورة الاولى : اذا كانت عبارة العقد واضحة الدلالة ، والصورة الثانية : اذا كانت عبارة العقد غامضة:
تتخذ عبارة العقد- من حيث انه تتضمن الارادة المشتركة لطرفيه ، ومن ثم المعنى المقصود من العقد – احدى صورتين أساسيتين :
الصورة الاولى- اذا كانت عبارة العقد واضحة الدلالة:
عبارة العقد اما تجيء واضحة على ما قصدته منها الارادة المشتركة لعاقديه.
وعندئذ ، ما كانت فى حاجة الى تفسير ، ووجب على القاضى العام فى الدولة – كأصل عام- ان يأخذ بالمعنى الظاهر لها، دون ان ينحرف عنه:
فقد نصت المادة (150/1) من القانون المدنى المصرى على انه:
- اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين”.
الصورة الثانية – اذا كانت عبارة العقد غامضة :
وقد تجيء عبارة العقد متسمة بالغموض فى دلالتها على ما قصدته منها الارادة المشتركة لعاقديه.
وعندئذ ان كان من الممكن تأويلها على اكثر من معنى ، وتعين الالتجاء الى التفسير ، لاستجلاء غموضها ، وتحديد حقيقة المقصود من دلالتها.
دور القاضى العام فى الدولة فى تفسير العقود بصفة عامة :
يناط تفسير العقد أصلا – القاضى العام فى الدولة .
حينما يفسر القاضى العام فى الدولة العقد ، فانه يستهدف البحث عما قصدته الارادة المشتركة لطرفيه:
وهو يقتضى هذه الارادة المشتركة فى العقد من مجموع وقائعه، وظروف إبرامه، دون الوقوف عند مجرد معاني ألفاظه ، او عباراته ، ومع الاستهداء بطبيعة التعامل ، والغرض الذى يظهر ان المتعاقدين قد قصداه، والعادات الجارية ، وما ينبغى ان يتوافر بين المتعاقدين من حسن النية ، وشرف التعامل، وقد نصت المادة(150/2 من القانون المدنى المصرى على انه :
- اما اذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ، مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل ، وبما ينبغى ان يتوافر من أمانة ، وثقة بين المتعاقدين ، وفقا للعرف الجارى للمعاملات “.
ما ينبغى على القاضى العام فى الدولة مراعاته عند تفسير العقود بصفة عامة:
على القاضى العام فى الدولة – وهو فى سبيل البحث عن قصد المتعاقدين المشترك ، من خلال تفسيره لعبارات العقد الغامضة – ان يدخل فى اعتباره مجموع وقائع العقد ، مجموع عباراته ، وشروطه ، او بنوده .
ينبغى على القاضى العام فى الدولة – وهو فى مجال تفسير العقود – الا يقف بالضرورة عند المعنى الحرفي لألفاظ العقد ، وعباراته:فالعبرة فى العقود – كما فى غيرها – بالمقاصد ، والمعاني ، وليس بالألفاظ ، والمبانى .
وعلى القاضى العام فى الدولة ان يستهدى فى تفسير العقد بطبيعة التعامل ، وما ينبغى ان يتوافر بين المتعاقدين من أمانة ، وثقة ، وفقا للعرف الجارى فى المعاملات.
التفسير لدى القاضى العام فى الدولة ليس غاية فى ذاته، بل هو وسيلة للفصل فى الحالة المعروضة عليه: وهو لذلك يتأثر بالنتائج العملية التى يؤدى اليها تطبيق الرأى الذى يهم باعتماده فى الحالات الواقعية.
قد يقتضى تعيين موضوع العقد تفسيره ، ويتولى القاضى العام فى الدولة تفسير العقد، ليصل الى تحديد الالتزامات التى أنشأها ذلك العقد ، عن طريق الكشف عن ارادة المتعاقدين ، وتطبيق نصوص القانون . ووسيلة القاضى العام فى الدولة فى ذلك تكون محددة بنصوص القانون .
لا تعدوا الامور التى حرص القانون على ان يوجه نظر القاضى العام فى الدولة اليها، ليستهدى بها، وهو بصدد تفسير العقد ان تكون مجرد إرشادات تقدم للقاضى العام فى الدولة ،لمساعدته فى تفسير العقود بصفة عامة ، وهى من بعد ليست كل الإرشادات التى يمكن للقاضى العام فى الدولة ان يستعين بها :
والقانون اذ تقدم للقاضى فى الدولة إرشاداتها لم يغفل عن تفسير العقود بصفة عامة فى النهاية عن ذوق ، كياسة ، خبرة.
يمثل تفسير العقود بصفة عامة- وباعتبار انه يقوم على استخلاص الارادة المشتركة لعاقديه – امرا من أمور الواقع: ومن ثم ، فهو سلطة قاضى الموضوع التقديرية ، دون ان يكون عليه فى ذلك معقبا من محكمة النقض ، طالما كان من شان عبارة العقد ان تحمله.
تطبيق قواعد تفسير العقود بصفة عامة على الاثر السلبي للاتفاق على التحكيم:
على القاضى العام فى الدولة ان يتحقق من تطابق ارادات الاطراف المحتكمين فى شأن النزاع المعروض على هيئة التحكيم للفصل فيه:
خاصة ، اذا كانت ارادة الاطراف المحتكمين واضحة فى قصر ولاية هيئة التحكيم على منازعات معينة – دون غيرها. يجب ان تفسر ارادة الاطراف المحتكمين تفسيرا ضيقا:
لان حكم التحكيم يجب ان يكون شاملا فقط للنزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، ولا يمتد الى سواه.
على القاضى العام فى الدولة – وإعمالا للقواعد العامة فى التفسير – الالتزام بمبدأ التفسير الضيق ، عندما يريد تحديد نطاق النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، فلايجوز التوسع فيه ، لما يتسم به نظام التحكيم من طبيعة استثنائية :
وبمعنى اخر ، يجب على القاضى العام فى الدولة ان يلتزم كامل الحيطة، والحذر عند تفسير الاتفاق على التحكيم ، فلا يعمل على التوسع فى تحديد النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، ليتمكن من التعرف على القصد الحقيقي لاطراف الاتفاق على التحكيم ، والتأكد مما اذا كانت إرادتهم قد اتجهت بالفعل- وبغير لبس ، او غموض – للالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة.
تطبيقات لضرورة التفسير الضيق لحدود النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم:
تطبيقا لضرورة التفسير الضيق لحدود النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم فقد قضى بانه:” اذا انصب الاتفاق على التحكيم على تفسير عقد من العقود ، فلا ينصرف ذلك الى المنازعات التى يمكن ان تنشأ عن تنفيذ العقد”.
كما قضى بانه: ” اذا نص فى شرط التحكيم على اختصاص هيئة التحكيم بالمنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد ، فإنها لا تستطيع ان تفصل فى المنازعات الناشئة عن تفسيره ، وانما يختص بها القاضى العام فى الدولة ، لخروجها عن نطاق شرط التحكيم ، فضلا عن ان هدف تفسير اى عقد من العقود هو الوصول الى القصد الحقيقي للمتعاقدين . بينما هو أثرا للالتزام . اذ يترتب على الالتزام تنفيذه ، فاذا لم ينفذ التزامه اختيارا ، جاز إجباره عليه. ولكن اذا وجد نصا صريحا فى شرط التحكيم ، او جاء شرط التحكيم عاما، فان هيئة التحكيم تختص عندئذ بتفسير شروط العقد”(2).
(2) حيث يرى سيادته ان لهيئة التحكيم سلطة تفسير الاتفاق على التحكيم ، لتحديد نطاق سلطتها ، وعلى ان يبقى تفسيرها خاضعا لرقابة القضاء العام فى الدولة ، وتأسيسا على جواز ان يدرج شرط التحكيم فى عقد معين ، فيشمل كافة ما ينشأ عن هذا العقد من منازعات – وأيا كانت نوع هذه المنازعات ، وسواء كانت خلافا حول تفسير بنود نصوص العقد ، او كانت جزاء يطالب به احد اطراف العقد .
واذا اتفق الاطراف ذوو الشأن على التحكيم – بموجب شرط التحكيم – للفصل فى المنازعات الناشئة عن تنفيذ ، او تفسير عقد معين ، فلايجوز ان تطرح على التحكيم منازعات ناشئة بينهم عن تنفيذ ، او تفسير عقد اخر(1).
واذا اتفق الاطراف المحتكمون على الا يخضع للتحكيم الا المنازعات المتعلقة بعقد شركة قائمة بينهم ، التى تحدث بين الشركاء أنفسهم ، او بين هؤلاء ، وبين مجلس إدارتها ، فان المنازعة التى تحدث بين الشركة نفسها- كشخص معنوى – وبين مديرها السابق ، لا تدخل ضمن اختصاص هيئة التحكيم .
واذا اتفق الاطراف المحتكمون على التحكيم فى شأن النزاع الذى ينشأ عن تنفيذ عقد معين ، فانه لايجوز لهيئة التحكيم ان تفصل فى نزاع اخر، يكون مرتبطا به ، ولو كان بين نفس اطراف العقد الذى تضمن شرط التحكيم .
واذا كان الاطراف المحتكمون قد حددوا فى مشارطة التحكيم المبرمة بينهم عناصر الخطأ الذى اركبه احدهم فى علاقته بالأطراف الاخرين ، وطلبوا من هيئة التحكيم تقدير التعويض المناسب عن هذه العناصر ، فانه لا يحق عندئذ لهيئة التحكيم الحكم بالتعويض عن عناصر اخرى غير تلك الواردة على سبيل الحصر فى الاتفاق على التحكيم .
بتعويضه ، نتيجة أخلال الاطراف الاخرين فيه بتنفيذ التزاماتهم الناشئة عنه . فضلا عن ان لتفسير ماهو الا الاستدلال على الحكم القانونى ، وعلى الحالة النموذجية التى وضع لها هذا الحكم.
واذا كان شرط التحكيم ينص على الفصل فى المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد معين ، او عدم تنفيذ ما يتضمنه عن طريق نظام التحكيم ، فانه لايجوز لهيئة التحكيم الحكم ببطلان هذا العقد ، والا كان هنا الحكم الصادر منها عندئذ باطلا.
ويكون حكم التحكيم لصادر من هيئة التحكيم باطلا ، اذا صدر ببطلان عقد بيع ، فى حين كان النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم – وكما تحدد فى مشارطة التحكيم المبرمة بين الاطراف المحتكمين – هو تفسير شروط هذا العقد .
واذا كان الاطراف المحتكمون قد حددوا فى مشارطة التحكيم المبرمة بينهم موضوع النزاع القائم بينهم، بشأن تنفيذ عقد مقاولة ، ونصوا على هيئة تحكيم ، لحسم هذا النزاع ، وحددوا مأموريتها لمعاينة الاعمال التى قام بها المقاول ، لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات ، والأصول الفنية – من عدمه- وتقدير قيمة الصحيح من الاعمال ، كما نصوا فى مشارطة التحكيم المبرمة بينهم على تفويض هيئة التحكيم فى الحكم ، والصلح بينهم ، وكان ذلك التفويض بصفة عامة لا تخصيص فيه، فان هيئة التحكيم اذا اصدرت حكم التحكيم فى النزاع القائم بينهم ، وحددت فى منطوقه ما يستحقه المقاول عن الاعمال التى قام بها جميعها ، حتى تاريخ الحكم الصادر بمبلغ معين ، فإنها لاتكون قد خرجت عن حدود مشارطة التحكيم ، او قضت بغير ما طلبه الاطراف المحتكمون منها .
واذا اتفق الاطراف المحتكمون فى شرط المحتكمون فى شرط التحكيم المدرج فى عقد معين على ان يتم الالتجاء الى نظام التحكيم للفصل فى المنازعات الناشئة عن تفسيره ، وتنفيذه ، فان الطلب العارض الذى يقصد به طلب التعويض المؤسس على الضرر الذى أصاب احد الاطراف المحتكمين لسبب خارجي عن هذا العقد ، لايمكن قبوله امام هيئة التحكيم .
واذا اتفق على التحكيم فى شان قسمة مؤقتة عرفية ، لايجوز ان يمتد حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم الى ما يتعلق بالقسمة النهائية .
واذا اتفق على التحكيم فى شأن حيازة ارض ، فانه لايجوز ان يمتد حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم الى ما يتعلق بملكية هذه الأرض .
ويقع باطلا حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم ، والذى فصل فى ملكية عقار ، فى حين كان موضوع النزاع كما تحدد فى الاتفاق على التحكيم هو تعيين حدود هذا العقار .
واذا تبين من الحكم المطعون فيه ان النزاع قد ثار فى الدعوى حول ما اذا كان المطعون عليه مهندسا، يستحق باقى أتعابه المتفق عليها، ولم يحصل بين الاطراف المحتكمين خلافا حول تفسير اى نص من نصوص العقد ، او إقرار المطعون عليه الذى وافق بمقتضاه على ان يتم صرف باقى مستحقاته عند البدء فى تنفيذ المشروع ، وانما تنكر عليه الشركة- الطاعنة- استحقاقه الأتعاب ، استنادا الى انه لم يقم بتنفيذ كافة التزاماته الناشئة عن العقد ، وهى مسألة لا شأن لها بتفسيره ، وهو الموضوع الذى اقتصر الاطراف المحتكمون على عرض النزاع الذى يثور بشأنه على التحكيم . لما كان ذلك ، فان الاختصاص ينعقد فى الدعوى القضائية للقضاء العام فى الدولة . صاحب الولاية العامة بالفصل فى المنازعة .
واذا كان موضوع شرط التحكيم المدرج فى عقد بين الاطراف المحتكمين هو حسم المنازعات الناشئة عن تنفيذه ، فأن هذا يشمل الطلبات المترتبة على عدم تنفيذه – كطلب التعويض ، الفوائد ، والفسخ ……الخ .
الاتفاق على التحكيم لا يفترض ، وانما يجب ان تنصرف ارادة الاطراف المحتكمين الى الفصل فى النزاع الذى يدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية :
فاذا كان القانون قد أجاز التجاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية ، ونظمت قواعده ، فانه بذلك يكون قد اعترف بحق التقاضى بعيدا عن القضاء العام فى الدولة ، صاحب الولاية العامة ، والاختصاص بالفصل فى جميع المنازعات التى يمكن ان تنشأ بينهم – وأيا كان موضوعها – الا ما استثنى بنص قانونى وضعي خاص ، ويكون لهم حرة الالتجاء اما الى القضاء العام فى الدولة ، واما الى قضاء التحكيم .
يتم الاتفاق على التحكيم – كأى عقد – بالإيجاب ، والقبول ، ويتعين ان تتوافر فيه الشروط التى يتطلبها القانون فى سائر العقود: كتوافر الاهلية لدى المتعاقدين ، انتفاء شوائب الرضا ، وتوافر موضوع العقد ، وسببه. الاتفاق على لتحكيم – كأى عقد- قوامه الارادة :
الاتفاق على التحكيم – كأى عقد – قوامه الارادة ، فاذا انتفت هذه الارادة تماما ، وكان معدوما.
اما اذا كانت هذه الارادة صادرة ممن يملكها ، ولكنها معيبة – اى مشوبة بغلط ، او تدليس او إكراه ، او استغلال – فان الاتفاق على التحكيم يكون باطلا ، وفقا لقواعد القانون المدنى . فالاتفاق على التحكيم ،- كغيره من التصرفات القانونية – يتطلب تحقق رضاء اطرافه – الخالى من العيوب – بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، وصدوره من اشخاص مكتملي الاهلية ، ويملكون سلطة الزام اطرافه بما تلاقت عليه إرادتهم المشتركة فى هذا الشأن ، وان يكون محل الرضا ذى خصائص معينة .
فاذا كان الاتفاق على التحكيم هو مجرد عقدا من العقود ، تنطبق عليه- شأنه شأن سائر العقود – القواعد العامة فى العقد ، والمنصوص عليها فى القانون المدنى ، وليست القواعد التى تحكم الاعمال الاجرائية ، والتى تنظمها قوانين المرافعات المدنية ، والتجارية ، فانه ينبغى لقيام الاتفاق على التحكيم ان يتوافر رضاء اطرافه بالالتجاء الى نظام التحكيم، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، فضلا عن ضرورة ان يجيء هذا الرضا صحيحا ، وسليما . فالاتفاق على التحكيم لا يعدوا ان يكون تصرفا قانونيا ، يتم بارادتين ، ويخضع فى قواعده ، وإحكامه لما تخضع له سائر العقود من القواعد ، واحكام خاصة بانعقاده ، تفسيره، ترتيب اثاره القانونية ، وتحديد نطاقها ، فضلا عن القواعد الخاصة التى يخضع لها ، والمنصوص عليها سواء فى قوانين المرافعات المدنية ، والتجارية ، فى مختلف الانظمة القانونية الوضعية ، او فى القوانين الوضعية الخاصة المنظمة للتحكيم – كالقانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية – ونتيجة لذلك ، فانه يلزم لوجود الاتفاق على التحكيم ان توافر اركانه، وهى : الرضا ، والمحل ، والسبب . ويلزم لصحة هذا الوجود ان يكون الرضا به صادرا عن اهلية يعتد بها القانون، وان يكون خاليا من العيوب المفسدة له.
فيلزم لوجود تراضى الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية أمرين أساسين ، يلزم التحرز من الخلط بينهما ، وهما:
الامر الاول – وجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم للفصل فى المنازعات التى تخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية :
ويعنى وجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية : تطابق إرادتين ، واتجاههما الى ترتيب اثار قانونية ، تبعا لمضمون ما اتفقا عليه ، فلا بد من إيجاب ، وقبول يتلاقيان على اختيار نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية . فتطابق الارادتين يتم بتوافق الايجاب ، والقبول من قبل اطراف الاتفاق على التحكيم . او بعبارة اخرى ، يجب ان يكون التعبير عن الارادة لكل طرف من اطراف الاتفاق على التحكيم متطابقا مع تعبير الاطراف الاخرين . وعندئذ ، تطبق القواعد العامة لنظرية العقد ، من حيث طرق التعبير عن الارادة ، الوقت الذى ينتج فيه التعبير عن الارادة إثره القانونى ، والتعاقد بين غائبين ، الى غير ذلك من الاحكام العامة .
ويؤدى تخلف رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية الى وقوع الاتفاق على التحكيم باطلا .
والأمر الثانى : صحة رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية : حيث ان فساده يؤدى الى وقوع الاتفاق على التحكيم قابلا للابطال .
لوجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية يلزم ان توجد ارادة الالتجاء اليه ، كبديل للقضاء العام فى الدولة ، وصاحب الولاية العامة ، والاختصاص بالفصل فى جميع منازعات الافراد ، والجماعات فيها – وأيا كان موضوعها – الا ما استثنى بنص قانونى وضعي خاص وان تتجه الى احداث الاثر القانونى المقصود منه ، بشرط ان تكون فى ذلك جادة ، غير هازلة ، حقيقية ، وليست وان يتم التعبير عن هذه الارادة ، بإخراجها من نفس صاحبها الى العالم الخارجى الملموس ، بأحد طرق التعبير عن الارادة ، فضلا عن التقاء عن التعبير عن ارادة احد اطراف الاتفاق على التحكيم مع التعبير عن ارادة الاطراف الاخرين فيه ، بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من افرادعاديين او هيئات غير قضائية . ذلك انه يشترط على وجه التحديد ان يكون موضوع الاتفاق على التحكيم هو الالتجاء الاختيارى لأطرافه لنظام التحكيم ، فى صدد نزاع يكون ناشئا عن علاقة قانونية محددة ، تدخل ضمن المسائل التى يجوز الفصل فى المنازعات التى يمكن ان تنشأ بمناسبتها عن طريق نظام التحكيم . ويستمد الاتفاق على التحكيم سنده من القانون الذى يعترف به، كأسلوب مشروع الفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ،بحيث يعد متوافرا سببه، وجائزا قانونا – وفى جميع الاحوال – متى تحقق الرضا ن، والمحل المشار اليهما.
فينبغى ان تنصرف ارادة كل طرف من اطراف الاتفاق على اختيار نظام التحكيم ، وللفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، فاذا انصرفت ارادة احدهم الى عدم وجود شرط التحكيم ، او مشارطته ، فلا نكون بصدد اتفاق على التحكيم ، لاشتراط انصراف ارادة كل اطراف الاتفاق على التحكيم الى اختيار نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية . فالارادة المنفردة لأحد اطراف الاتفاق على التحكيم بالالتجاء الى نظام التحكيم للفصل فى النزاع الذى يدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية لا تكفى لا انعقاده ، بل لابد من وجود ارادتيين متطابقتين فى هذا الشأن .
واذا تلاقت ارادة اطراف الاتفاق على التحكيم – اى تبادل الايجاب – والقبول – فان تراضى الاطراف المحتكمين بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية يكون قد تم ، ويكون الاتفاق على التحكيم قد انعقد ، اذا ما توافر الركنان الاخران.
وفضلا عن وجود رضاء اطراف الاتفاق على التحكيم بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من افرد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، فانه ينبغى ان يكون صحيحا ، اى ان يصدر عن شخص يتمتع بالأهلية الأزمة إصداره ، وان يكون خاليا من العيوب المفسدة له” الغلط، الإكراه ، التدليس ، والاستغلال “.
تنطبق القواعد ، والاحكام المتعلقة بركن السبب فى النظرية العامة للعقد على السبب فى الاتفاق على التحكيم – شرطا كان لم مشارطة :
تنطبق القواعد، والاحكام المتعلقة بركن السبب فى النظرية العامة للعقد على السبب فى الاتفاق على التحكيم – شرطا كان ام مشارطة – على اساس ان السبب فى التزام احد اطراف الاتفاق على التحكيم هو نزول الاطراف الاخرين عن لحق فى الالتجاء الى القضاء العام فى الدولة ، مع التزامهم بعرض النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم امام هيئة تحكيم تتشكل من أفراد عاديين، او هيئات غير قضائية ، لتفصل فيه بحكم تحكيم يكون ملزما لهم.
اذا ما كان الإنفاق على التحكيم – يتم كسائر العقود- بتراضى اطرافه المحتكمين على الالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية فانه لا يشترط لصحة ان يتم فى زمن معين :
فقد يتم قبل نشأة النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم أصلا بين الاطراف المحتكمين – كما فى حالة شرط التحكيم – وقد يتم بعد نشأة النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بالفعل بين الاطراف المحتكمين – كما فى حالة مشارطة التحكيم – وقد يصح الاتفاق على التحكيم ايضا حتى بعد فع الدعوى القضائية الى القضاء العام فى الدولة ، وذلك فى بعض الانظمة القانونية الوضعية التى تجيز ذلك.
اذا كان رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية يعد ركنا أساسيا للاتفاق عليه ، فان هذا الرضاء لا يفترض ، بل لابد من وجود الدليل عليه :
اذا كان رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية يعد ركنا أساسيا للاتفاق عليه ، فان هذا الرضاء لا يفترض ، بل لابد من وجود الدليل عليه ، لان الاتفاق على التحكيم يشكل خروجا على الاصل العام فى التقاضى العام فى الدولة، فكان لابد من التعبير عنه صراحة ، وعدم افتراضه ، باعتباره نظاما استثنائيا ، يتضمن خروجا على الاصل العام فى اختصاص القضاء العام فى الدولة بالفصل فى جميع منازعات الافراد، والجماعات فيها – وأيا كان موضوعها – لذا ، فانه يجب ان يتم تخصيص نظام التحكيم بالذكر فى الاتفاق عليه بين الاطراف المحتكمين ، او بالاحالة اليه بوجه خاص.
الغالب ان يقع التعبير عن ارادة اطراف الاتفاق على التحكيم على اتخاذ نظام التحكيم وسيلة للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ،عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات قضائية صريحا:
الغالب ان يقع التعبير عن ارادة اطراف الاتفاق على التحكيم على اتخاذ نظام التحكيم وسيلة للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ،عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات قضائية صريحا، فيبرم الاطراف المحتكمون مشارطة تحكيم ، يتفقون فيها على احالة النزاع الذى نشأ فعلا بينهم ، لحظة الاتفاق على التحكيم ، الى هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ،او هيئات غير قضائية ، دون المحاكم المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل فى موضوعه ، او يدرجون فى العقد الاصلى – مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمن شرط التحكيم – على الالتجاء الى نظام التحكيم ، عند نشأة النزاع المحتمل وغير المحدد بينهم فى المستقبل ، والمتعلق بتنفيذه، او تفسيره، او يوقعون مشارط التحكيم ، او العقد النموذجى الذى يتضمن شرط التحكيم ، او يتبادلون الوثائق المكتوبة – كالرسائل ، او البرقيات ، او غيرها من وسائل الاتصالات الحديثة ، والتى تظهر بوضوح إبرامهم للاتفاق على التحكيم – وفى جميع الاحوال ، فانه يزم ان تكون ارادة الاطراف المحتكمين على الالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية صريحة وواضحة.
ولا يقع التعبير عن ارادة الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة دائما بصراحة ، ووضوح ، فيثير تفسيرها بعض الصعوبات .
اذا انضم اشخاص أخرون الى الاتفاق على التحكيم ، فانه يجب ان يكون انضمامهم لهذا الاتفاق صريحا: فلا يفترض لمجرد دخولهم ، او اشتراكهم فى علاقة الاطراف الأصليين فى الاتفاق على التحكيم .
واذا احال الاطراف المحتكمون صراحة الى الشوط العامة المتضمنة لشرط التحكيم ، فانه يكون من الواجب الاحالة الى شرط التحكيم صريحة.
تقتضى المعاملات الدولية صورا اكثر تعقيدا ، فيما يتعلق بالتعبير عن ارادة الافراد والجماعات بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، دائما بصراحة ، ووضوح ، فيثير تفسيرها بعض الصعوبات:
حيث الشائع ان يتفاوض الاطراف ذوو الشأن على مجرد العناصر الاساسية للعملية موضوع التعاقد ” الثمن ، وخصائص المبيع ، موعد التسليم ، الخ “، مكتفين بإرفاق شروط عامة ، مطبوعة ، ومعدة بواسطة احد الطرفين فى ظهر الاتفاق ، او بالاحالة الى الشروط النموذجية ، والموضوعة بواسطة احدى الهيئات الدولية المتخصصة . ولما كانت الشروط العامة الملحقة ، او الشروط النموذجية المحال اليها بنص خاص تتضمن عادة شروطا للتحكيم ، فانه يثور التساؤل عندئذ عما اذا كان يوجد رضاء من الاطراف ذوى الشأن بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، من عدمه؟.
وفى عقد النقل البحرى بسند شحن ، فانه ينذر ان يتضمن سند الشحن شرطا للتحكيم ، فى حين يغلب صدور هذا العقد بموجب مشارطة إيجار للسفينة ، محيلا لنصوص هذه ال مشارطة . والتى من بينها : شرطا للتحكيم . ومن هنا يثور التساؤل هل يعتبر حامل سند الشحن قد ارتضى بالاتفاق على التحكيم الوارد بمشارطة الايجار ؟. وما هى شروط توافر هذا الرضاء ؟. وهل تعد الاحالة الى الوثيقة الاخرى – والتى هى مشارطة الايجار – كافية للقول بانصراف نية الاطراف ذوى الشأن فى سند الشحن الى اختيار نظام التحكيم الوارد ضمن محتوياتها ، طريقا للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل أفراد عاديين ،او هيئات غير قضائية ؟. ام يجب ان تكون الاحالة خاصة ، واضحة ، ومحددة ، الى شرط التحكيم الوارد بها؟.
ففى مجال عقود النقل البحرى ، حيث كثيرا ما ينص فى عقد نقل البضائع على سريان كافة حسم مسألة وجود اتفاقا على التحكيم ، للفصل فى المنازعات الناشئة عن عقد نقل البضائع ، وعن طريق نظام التحكيم الوارد فى عقد استئجار السفينة ، رغم ان اطراف التعاقد يختلفون فى كل من العقدين ، وليست هناك علاقة – ولو غير مباشرة – تربط المستفيد فى عقد النقل البحرى بمالك السفينة . والفرض عندئذ ان العقد المبرم بين الاطراف ذوى الشأن – وهو سند الشحن ، والذى نشأت المنازعة بمناسبته – لا يتضمن اتفاقا على التحكيم ، فى حين أشار هذا العقد الى تطبيق شروط عقد اخر ، يكون قائما بين الاطراف ذوى الشأن – وهو مشارطة الايجار –للارتباط بينهما ، فما مدى تأثير الاتفاق على التحكيم الوارد بمشارطة الايجار على العلاقات الناشئة عن سند الشحن الذى يحيل اليها ؟ وما هو تأثير هذه الاحالة الواردة فى سند الشحن الى شروط مشارطة الايجار على رضاء الشاحن ، او لغير حامل سند الشحن ، او المرسل اليه ، او المؤمن على البضاعة، او المستأجر من الباطن ، او من ظهر اليه السند ، ممن لم يكونوا أطرافا فى مشارطة الايجار المحال اليها ؟ . وهل تكفى هذه الاحالة لتوافر الرضا فى حق هؤلاء ؟ . وهل يشترط شكلا خاصا ، او صيغة معينة لتلك الاحالة ؟ . وبمعنى اخر، هل تكفى الاحالة العامة لشروط مشارطة الايجار ، لالتزام من لم يكن طرفا فيها ، او لالتزام حامل سند الشحن بشرط التحكيم الوارد بها ؟ ام هل يستلزم الامر احالة خاصة الى شرط التحكيم نفسه ؟ . وهل يقتصر الاجابة على هذا التساؤل على بحث شرط الاحالة الوارد بسند الشحن . ام هل يجب ان يمتد البحث لشرط التحكيم نفسه ، والوارد بمشارطة الايجار المحال اليها ؟ .
وفى إطار المعاملات الجارية بين الاطراف ذوى الشأن ، فانه من المتصور ان يتم الاتفاق فى صدد عقد جديد بالإشارة الى شروط عقد قائم ، او سابق ويكون هذا الاخير مشتملا على شرط للتحكيم كما يتحقق وضعا مماثلا فى حالة تجديد ذات العقد الذى تضمن شرطا للتحكيم . ومن ثم ، فانه يثور التساؤل عن مدى تأثير هذا الارتباط ، او هذه الاستمرارية بالنسبة لإمكانية القول بتوافر وجود الرضا بالاتفاق على التحكيم فى شأن العلاقة الناشئة عن العقد الجديد؟.
وكثيرا ما يثور التساؤل عما اذا كان الطرفان قد وافقا على نحو ينتج اثاره القانونية على شرط التحكيم ، فيما يتصل بالعقود التجارية التى يتم إبرامها عن طريق المراسلات ، والعقود التى تتضمن شروطا للتحكيم ، تحتويها الشروط العامة للعقد ، او للنماذج الاخرى التى يعدها احد الاطراف ذوو الشأن .
فالمعاملات . وخاصة ، الدولية منها ، تقتضى صورا اكثر تعقيدا ، من شأنها ان تثير كثيرا من المشاكل العملية التى تواجه القضاء العام فى الدولة ، فيما يتعلق بوجود الرضا بالاتفاق على التحكيم .
نقطة البداية فى النظام القانونى للتحكيم هى ضرورة التأكد من وجود الاتفاق على التحكيم :
لخطورة الاثر الجوهرى الذى يترتب على مثل هذا النوع من الاتفاقات ، الا وهو سلب القضاء العام الدولة اختصاصه الاصيل لصالح قضاء خاص ، يرتضيه لاطراف المحتكمون ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية للقاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد غير قضائية ، فلابد من التحقق من ارادة الاطراف ذوى الشأن قد اتجهت بالفعل الى الالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، وان هناك تلاحما غير مجحود فى التعبير عن ارادة كافة الاطراف المعنية ، على نحو يمكن معه الاطمئنان الى إنهم قد قصدوا حقيقة اقامة قضاء خاص ، يتولى مهمة الفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية . فالعبرة ان تنصب ارادة الاطراف ذوى الشأن ، وتشف عن رغبتهم فى عدم الالتجاء الى القضاء العام فى الدولة ، والالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية .
فينبغى ان ينصب رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل تصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية . بمعنى ، ان يكون التصرف الارادى للاطراف ذوى الشأن ينصب على إسناد مهمة الفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة لهيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، للقيام بوظيفة القضاء الخاص ، حيث انها تصدر فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم حكم تحكيم ، يكون حاسما له ، وهذه الحقيقة هى التى تميز نظام التحكيم عما عداه من الوسائل الاخرى للفصل فى منازعات الافراد ، والجماعات داخل الدولة – كالتوفيق ، التصالح ، والالتجاء الى نوع من الخبرة الفنية – لمحاولة الوصول الى تسوية عن طريق احد الاشخاص ، او الهيئات المتخصصة ، واهم مقتضيين لهذه الخصيصة هما:
المقتضى الاول:
إسناد وظيفة اقرب الى ممارسة سلطة القضاء الى اشخاص ، يتميزون بأنهم ليسوا قضاه معيني من قبل السلطة العامة فى الدولة .
والمقتضى الثانى :
ان أولئك الاشخاص الذين يطلق عليهم اسم ، ” هيئة تحكيم ” يقومون بمهمة حاسمة بذاتها للنزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، وغير قابلة للمشاورة من جانب أية جهة.
هناك تكييفا مبدئيا يجب القيام به ، للتأكد من هناك اتفاقا على مايصدق فى شانه وصف التحكيم :
وعلى قاضى الموضوع ان يستخلص من واقع الدعوى القضائية عليه ، للفصل فيها ، وظروف الحال حقيقة مقصود الاطراف ذوى الشأن من الاتفاق ، ومتى استخلص الوقائع الصحيحة فى الدعوى القضائية المعروضة عليه ، للفصل فيها ، وجب عليه وصفها وصفا مطابقا لاحكام القانون فى هذا الشأن ، اى وجب عليه إرساء القاعدة القانونية الصحيحة فى التكييف ، وهو يخضع فى هذا الشأن لرقابة محكمة النقض . كما يجب على القاضى العام فى الدولة ان يراعى كامل الحيطة ن والذر عند تكييف الاتفاق بين الاطراف ذوى الشأن ، فلا يعتبره اتفاقا على التحكيم ، الا اذا وضحت تماما اراداتهم ، وكانت تهدف بجلاء الى هذا ، لان نظام التحكيم هو استثناء من الاصل العام فى التقاضى العام فى الدولة ، وما يكفله من ضمانات ، فلا يجبر على سلوكه ، ولا يحرم من الالتجاء الى القضاء العام فى الدولة ، الا عن رضا ، واختيار .
موقف القضاء الفرنسى يكون ثابتا ، مستقرا ، ومحددا من مسألة ضرورة التأكد من وجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء لى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية :
فوفقا لقضاء ثابت ومستقر منذ وقت طويل فى فرنسا، فانه : ” ينبغى للاحتجاج بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الايجار على حامل سند الشحن الذى احال الى شروط ها ، ان يتوافر فى حقه العلم الثابت بشرط التحكيم الوارد ضمن بنود مشارطة الايجار المذكورة ، والقبول اليقينى المؤكد لهذا الحامل بهذا الشرط التحكيمى ، بان تكون الاحالة الواردة بسند الشحن هى احالة خاصة ، واضحة ، ومحددة لشرط التحكيم الوارد بمشارطة الايجار المحال اليها ، او بان يرفق نص المشارطة بسند الشحن ، او بان يتم إبلاغ هذا الحامل بنص مشارطة الايجار المذكورة بطريقة ثابتة ، ومؤكدة ، لا تدع مجالا للشك فى ان هذا الحامل لسند الشحن قد علم بشرط التحكيم الوارد بالمشارطة ، وابدى رضاء كاملا بهذا الشرط ، نظرا لخطورته ، ولأنه لم يكن طرفا فى مشارطة الايجار ، ليحتج بها ، وبنصوصها عليه ، كما لم يكن شرط التحكيم مدرجا بسند ذى يحمله ، حتى تنتفي شبهة عدم وجود رضاء هذا الحامل ، عن طريق إذعانه لهذا الشرط التحكيمى “.
كما قضت محكمة النقض الفرنسية بانه: ” حتى نكون بصدد تحكيم – حسب ومن المستقر عليه لنظام التحكيم – يتعين التحقق من ارادة الاطراف ذوى الشأن قد اتجهت بالفعل الى تخويل الغير ، او الشخص الثالث سلطة قضائية “.
وقضت بانه:” حامل سند الشحن الصادر تنفيذا لمشارطة إيجار بالرحلة ، لايمكن ان يحتج عليه بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الايجار ، والذى لم يكن موجودا بسند الشحن ، ولم يكن موضوعا لقبول مؤكد من جانب حامله”.
وقضت محكمة استئناف باريس – طعنا فى الحكم القضائى الصادر من هيئة تحكيم هضبة الأهرام ، والصادر فى 16/ 2/ 1983- ضد الدولة المصرية :” بإلغاء الحكم القضائى المطعون فيه ، لصدوره بدون وجود شرط للتحكيم من جانب الحكومة المصرية ، على اساس ان مصر لم تجر فى اتفاقياتها على قبول شرط التحكيم لغرفة التجارة الدولية . فضلا عن توقيع الهيئة العامة للسياحة ، والفنادق “ايجوث” – وهى شخصية قانونية مستقلة عن الدولة المصرية – على العقد المشتمل على شرط التحكيم ، لا يعنى قبول مصر- كدولة – لهذا الشرط ، ولا إلزامها به. بالاضافة الى ان توقيع مصر على العقد الاصلى المبرم فى 23/ 9/ 1974 ، والذى أشار فيه الى قانون الاستثمار المصرى رقم (43) لسنة 1974 ، والذى يجيز الفصل فى المنازعات بوسائل من بينها ، مركز تسوية منازعات الاستثمارD.I . R. ٌC ، لايعنبر قبولا لشرط التحكيم الوارد فى العقد محل النزاع ، ولا تنازلا عن حصانتها “.
وحسنا ما تخذه القضاء الفرنسى من موقف بخصوص مسألة اثبات وجود رضاء الافراد والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام تحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، حيث احال المسألة الى البحث فى حقيقة قصدهم .
والقضاء الفرنسى فى بحثه لوجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية يبحث فى حقيقة قصد الاطراف ذوى الشأن من الاتفاق المبرم بينهم، ليتأكد ما اذا كان مقصودهم من ذلك هو اختيارهم لنظام التحكيم ، كوسيلة للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، وتتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية بصورة نهائية ، حيث تصدر حكم تحكيم ، يكون ملزما لاطراف الاتفاق على التحكيم ، ولا تشاركها فى حسم النزاع أية سلطة ، او جهة اخرى .
والقضاء الفرنسى بذلك يتأكد من ان الاطراف ذوى الشأن يقصدون حقيقة نظام التحكيم ، وليس وسيلة اخرى للفصل فى منازعاتهم – كالصلح ، او التوفيق ، او غير ذلك من وسائل الفصل فى منازعات الافراد ، والجماعات داخل الدولة .
موقف القضاء يكون ثابتا ، ومستقرا ، ومحددا من مسألة ضرورة التأكد من وجود رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ن للفصل فى المنازعات التى أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية :
فقد قضت محكمة النقض المصرية :” رضاء طرفى الخصومة هو اساس التحكيم ، وان العبرة ان تنصب إرادتهم ، وشف عن رغبتهم فى النزول عن الالتجاء الى القضاء العام فى الدولة ،وفى حسم النزاع عن طريق التحكيم ، دون غيره من وسائل الفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة -كالصلح مثلا “.
كما قضى بانه :” لا يعد تحكيما – وان وصف بالتحكيم – الاتفاق المكتوب على تحكيم احد المقاولين لتقدير نفقات البناء ، وان يكون تقديره نهائيا ، متى كانت الورقة لا تدل فى مجموعها على انها مشارطة تحكيم ، ويزيد هذا المعنى بيانا ، ان يرجع طرفاها فى المحكمة للفصل ما يطلب غيرماقدره الخبير ، والثانى يطلب اعتماد التقدير ، لانه صادرا عن محكم ، مما يدل على اعتقاداهما وقت الاتفاق على ان القاضى العام فى الدولة. فيجب على المحكمة ان تفصل فى الدعوى القضائية من جديد ، بحسبان ان الذى ندب للتحكيم لم يزل على ان يكون خبيرا “.
وقضى ايضا بانه :”اذا اتفق طرفا العقد على توسيع أشخاصا اخرين ووقع الاتفاق بعد ذلك بين الطرفين ، فلا محل للدفع بان هذا عقد تحكيم ، لم يستوف الشرائط القانونية المنصوص عليها قانونا بواسطة قانون المرافعات المدنية ، والتجارية ، لان العبرة بما قصده المتعاقدان ، ويستفاد من نص العقد موضوع الدعوى القضائية ان الاشخاص الذين أطلق عليهم المتعاقدان عبارة محكمين لم يكونوا كذلك بالمعنى القانونى ، ولم يقصد المتعاقدان ذلك ن بل هم وسطاء بينهما ، لتقريب الايجاب ، والقبول ، حتى يتم التعاقد. يصبح مثل هذا العق د اتفاقا تسرى عليه قواعد الالتزامات العامة
من أهم التطبيقات القضائية لعدم افتراض رضاء الافراد ، والجماعات داخل الدولة بالالتجاء الى نظام التحكيم ، للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية هو الحال عندما يحيل سند الشحن الى مشارطة الايجار ، دون ان يذكر الشرط الخاص بالتحكيم ، كأن ينص فى سند الشحن على ان تطبق على هذا السند شروط مشارطة الايجار ، دون ان يذكر الجهة المختصة بنظر التحكيم ، او دون ان يشير صراحة الى شرط التحكيم . ففى هذه الحالة ، لا يعتد بشرط التحكيم فى علاقة الطرفين فى سند الشحن ، صراحة على شرط التحكيم الوارد فى المشارطة ، ولا يكتفى بالإشارة العامة الى تطبيق شروط المشارطة ، تأسيسا على ان الاتفاق على التحكيم لا يفترض .
اذا كانت القاعدة انه لا يعتد بشرط التحكيم فى علاقة الطرفين فى سند الشحن ، اذ الشرط ينص سند الشحن صراحة على شرط التحكيم الوارد فى المشارطة ، ولا يكتفى بالإشارة العامة الى تطبيق شروط المشارطة ، تأسيسا على الاتفاق على التحكيم لا يفترض ، فان محكمة النقض المصرية عندما تعرضت لموضوع التحكيم فى صدد سندات الشحن كان لها موقفا اخر:
ذلك انها حين تصدت لشرط التحكيم الوارد فى سند الشحن ، او الذى يحيل فيه سند الشحن الى مشارطة الايجار – سواء كانت احالة عامة ، او خاصة – انتهت فى قضائها الى نفاذ شرط التحكيم فى مواجهة المرسل اليه ، مع اختلاف مظهر العلاقة ، واستندت فى ذلك الى ان قانون التجارة البحرى المصرى يجعل من المرسل اليه طرفا ذا شأن فى سند الشحن، باعتباره صاحب المصلحة فى عملية الشحن ، يتكافأ مركزه حينما يطالب بتنفيذ عقد النقل ومركز الشاحن ، وانه يرتبط بسند الشحن ، كما يرتبط به الشاحن ومنذ ارتباط الاخير به . ومقتضى ذلك ، ان يلتزم المرسل اليه بشرط التحكيم الوارد فى نسخة الشحن المرسلة اليه، باعتباره فى حكم الاصيل فيه. ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائبا عنه فى سند الشحن ، حتى يقال ان الشاحن قد تصرف فى شأن من شئون المرسل اليه ، وهو مالا يملك حق التصرف فيه .
كما قضت بانه :” لا يشترط فى حالة صدور سند الشحن محيلا احالة عامة الى شروط مشارطة الإيجاران يكون الشاحن قد وقع سند الشحن ، والذى لا يعدو ان يكون فى هذه الحالة إيصالا باستلام البضاعة ، وشحنها على ظهر السفينة ، حتى يلزم المرسل اليه بشروط مشارطة الايجار الذى صدر سند الشحن بموجبها ، ومن بينها : شرط التحكيم ، باعتباره طرفا ذا شأن فى عقد النقل ، يتكأفا مركزه ومركز الشاحن مستأجر السفينة ، عندما يطالب بتنفيذ العقد الذى تثبته المشارطة ، حيث تكفى الاحالة العامة الواردة فى سند الشحن الى مشارطة الايجار ، لالتزام حامل السند بشرط التحكيم الوارد فى تلك المشارطة ، كما تكفى مثل هذه الاحالة لالتزام المرسل اليه بهذا الشرط التحكيمى “.
وكان هذا القضاء من جانب محكمة النقض المصرية قبل صدور القانون الوضعى رقم (27) لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد التجارية .وتنص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من القانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية على انه:
” ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل احالة ترد فى العقد الى وثيقة شرط التحكيم اذا كانت الاحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”
انتقاد جانب من الفقه لقضاء محكمة النقض المصرية السابق ، والمخالف لقاعدة :” انه لا يعتد بشرط التحكيم فى علاقة الطرفين فى سند الشحن ، اذ الشرط ان ينص سند الشحن صراحة على شرط التحكيم الوارد فى المشارطة ، ولا يكتفى بالإشارة العامة الى تطبيق شروط المشارطة ، تأسيسا على ان الاتفاق على التحكيم لا يفترض “:
انتقد جانب من الفقه لقضاء محكمة النقض المصرية السابق ، والمخالف لقاعدة :” انه لا يعتد بشرط التحكيم فى علاقة الطرفين فى سند الشحن ، اذ الشرط ان ينص سند الشحن صراحة على شرط التحكيم الوارد فى المشارطة ، ولا يكتفى بالإشارة العامة الى تطبيق شروط المشارطة ، تأسيسا على ان الاتفاق على التحكيم لا يفترض،باعتباره تناقضا مع ما جرى عليه قضاءها فى خصوص شرط التحكيم ، من اشتراط اتفاق الاطراف ذوو الشأن عليه ، وان رضاءهم هو اساس نظام التحكيم ، وانه- اى التحكيم – لا يفترض ، ذلك ان محكمة النقض المصرية قد افترضت قبول المرسل اليه بشرط التحكيم ، بل فرضته عليه ن لاسيما وان المطالع لحيثيات احكامها القضائية الصادرة فى هذا الشأن ، يتبين ان المرسل اليه – وعلى كافة مراحل الدعوى القضائية – يرفض شرط التحكيم الوارد فى سند الشحن ، ويكون افتراض قبول المرسل اليه بشرط التحكيم معيارا غير معروف لدى محكمة النقض المصرية ، حيث ان المستقر عليه هو اشتراط اتجاه ارادة الاطراف ذوى الشأن للأخذ بنظام التحكيم ، كيف ينسب الى المرسل اليه قبول عقد لم يحط بمحله علما.
فالقبول قانونا يكون له معيارا محددا ، وشروط التحكيم ليس متعلقا بمعاملة ، حتى يمكن افتراض وجود القبول ، وانما هو متعلقا بالجهة التى ستفصل فى النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم ، وهو استثناء من الاصل العام المقرر لاختصاص المحاكم بنظر النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم .
فضلا عن ان نظام التحكيم يكون طريقا استثنائيا للفصل فى منازعات الافراد ، والجماعات داخل الدولة ، والتى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة الخروج على طرق التقاضى العادية ، وما تكلفه من ضمانات . ومن ثم ، يقتصر حتما على ما تنصرف اليه ارادة الاطراف المحتكمين بعرضه على هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية . وجب تفسيره تفسيرا ضيقا ، وعدم ترخص القضاء العام فى الدولة فى إسناد ارادة مختلفة لارادة الاطراف ذوى الشأن ، والتأكد على وجه يقينى ، وبنحو لا يشوبه شكا ، او غموضا من وجود رضاء الاطراف ذوى الشأن بالاتفاق على التحكيم ، واتجاه نيتهم حقيقة الى اختيار نظام التحكيم ، كوسيلة للفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين او هيئات غير قضائية ، دون افتراض هذا الرضاء .
وما تذهب اليه بعض المشارطات من النص على امكان قيام الناقل باصدار سندات شحن بموجب المشارطة ، يجعل هذا الاتفاق إنما ينحصر نطاقه فى علاقة المؤجر ، والمستأجر ، ولا يعنى تداخل علاقات الاطراف ذوى الشأن فى مشارطات الايجار ، وتلك الناشئة عن سندات الشحن ، لاختلاف الإطار العام لهذه العلاقات . فالمرسل اليه فى سند الشحن ، وان كان يلتزم بالشروط الواردة فى سند الشحن ، الا انه لا يلتزم الا بالشروط المتعلقة بعقد النقل البحرى ، والناشئة عنه- كالتفريغ ، الفحص ، ومسئولية الناقل – اما الشروط غير المتعلقة بعقد النقل ، وليست ناشئة عنه – كشرط التحكيم – فإنها لا تسرى فى مواجهة المرسل اليه ، فالمرسل اليه ، والشاحن ، لا يعدان طرفان ذا شأن فى شرط التحكيم لوارد بمشارط الايجار – والتى صدر الشحن بموجبها – الا منذ ان يعلما به ، ويوافقا عليه ، حيث ان الامر هنا يتعلق بتوافر الرضا بالاتفاق على التحكيم فى حق كل من الشاحن ن او المرسل اليه . فحامل سند الشحن ، او المرسل اليه او المؤمن على البضاعة ، او غيرهم من الاغيار – بالنسبة للاتفاق على التحكيم – وحتى يعد اى منهم طرفا فى الاتفاق على التحكيم ، فانه ينبغى ان يتوافر لديه العلم الكافى بهذا الاتفاق ، وملابساته ، وان يكوون راضيا بالالتزام به، والا عد مذعنا .
نرى مسلك القضاء الفرنسى كان احسن حظا من مسلك نظيره المصرى ، فيما يتعلق بعدم افتراضه رضاء احد المتعاقدين بالاتفاق على التحكيم ، وعدم اعتماده وجوده هذا الرضاء ، الا بعد ثبوته بوجه يقيني ومؤكد ، لا يحتمل غموضا ، او لبسا، ودون إسناد ارادة مخالفة لأحد الاطراف ذوى الشأن ، كما فعلت محكمة النقض المصرية ، من افتراض وجود ارادة مخالفة لدى احد الاطراف المتعاقدة :
نرى مسلك القضاء الفرنسى كان احسن حظا من مسلك نظيره المصرى ، فيما يتعلق بعدم افتراضه رضاء احد المتعاقدين بالاتفاق على التحكيم ، وعدم اعتماده وجوده هذا الرضاء ، الا بعد ثبوته بوجه يقيني ومؤكد ، لا يحتمل غموضا ، او لبسا، ودون إسناد ارادة مخالفة لأحد الاطراف ذوى الشأن ، كما فعلت محكمة النقض المصرية ، من افتراض وجود ارادة مخالفة لدى احد الاطراف المتعاقدة ن بالرغم من ان حيثيات تلك الاحكام القضائية المذكورة تؤكد رفض ذلك الطرف للاتفاق على التحكيم ، وعدم اتجاه نية للالتزام بشرطه.
فنظام التحكيم – وباعتباره طريقا استثنائيا للفصل فى منازعات الافراد ، والجماعات داخل الدولة ، والتى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية يجب عدم التوسع فى تفسيره ، وعدم افتراض وجود الرضاء به ، بل يجب التأكد من ارادة الاطراف ذوى الشأن قد اتجهت حقيقة الى إختيار نظام التحكيم ، دون غيره من وسائل الفصل فى منازعات الافراد ، والجماعات داخل الدولة ، والتأكد من ثبوت وجود الرضا به ، من خلال وسائل الاثبات المسموح بها قانونا .
يكون القضاء العام فى الدولة هو المختص بتحديد قصد الاطراف ذوى الشأن من الاتفاق المبرم بينهم- لما من ولاية عامة :
يكون القضاء العام فى الدولة هو المختص بتحديد قصد الاطراف ذوى الشأن من الاتفاق المبرم بينهم- لما من ولاية عامة – فاذا ما استوثق القاضى العام فى الدولة من ان القصد الحقيقي للاطراف ذوى الشأن إنما هو الفصل فى المنازعات التى تدخل أصلا فى الولاية القضائية المقررة للقضاء العام فى الدولة ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، او هيئات غير قضائية ، دون المحاكم المختصة أصلا بتحقيقها ، والفصل فى موضوعها ، وقضى بذلك ويكون حكم القاضى العام فى الدولة عندئذ مستندا الى مبررات قوية ، ومؤيدة بدليل جدى ، لا يحتمل معه تأويل ارادة اى من الاطراف ذوى الشأن الى عكس هذه الرغبة ، لان المسألة تتعلق بركن الرضا فى لتعاقد ، فمثلا : اذا أرسل احد الطرفين الى اخر – ودون نص سابق فى التعاقد – ما يفيد عرض النزاع على التحكيم ، على ان يعتبر عدم الرد قبولا منه بذلك ، فلا يفترض عندئذ وجود الاتفاق على التحكيم ، اذ ان الاتفاق على التحكيم لا يفترض ، ولا يقبل القول بان عدم الرد يعد قبولا ، واذ القاعدة انه لا ينسب لساكت قول ، الا اذا كانت ظروف الحال لا تدع مجالا للشك فى القول . فان القول بأن الرد يعنى عدم القبول ، إنما يكون اقرب الى الصحيح ، ومطابقا لنصوص القانون . ويرجع الى ان الاعلان قد لايتم صحيحا ، او قد تفقد ، او تضيع المكاتبة – لاى سبب كان – او قد لا يرد الرد – لتغيير المحل ، او العنوان الذى ترد عليه المخاطبات – فلا يفاجىء حد المتعاقدين بافتراض قبوله للتحكيم ، اذ الشرط ان يرد الاتفاق على التحكيم صراحة . والأساس فى ذلك ، هو ارتباط التعبير بركن من أركان العقد –وهو الرضا- وعدم وجوده ، يعدم وجود العلاقة أصلا.
يرى جانب من الفقه – وبحق – ان نص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من القانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994لسنة فى شأن التحكيم المواد المدنية ، والتجارية لن يغير شيئا فى موقف القضاء المصرى السابق من موضوع التحكيم فى صدد سندات الشحن ، ولن يكون موقفا جديدا :
يرى جانب من الفقه – وبحق – ان نص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من القانون الوضعى المصرى رقم (27) لسنة 1994لسنة فى شأن التحكيم المواد المدنية ، والتجارية لن يغير شيئا فى موقف القضاء المصرى السابق من موضوع التحكيم فى صدد سندات الشحن ، ولن يكون موقفا جديدا ، فهذا النص القانونى الوضعى المصرى –شأنه شأن النص القانونى الاصلى المستقى منه ، وهو نص الفقرة الثانية السابعة من المادة السابعة من القانون النموذجى للجنة الامم المتحدة للقانون التجارى الدولى – حيث انه وان اقر الاحالة العامة الى الوثيقة المشتملة على شرط التحكيم ، الا لم ينظم شروط هذه الاحالة ، او متى تكفى الاحالة العامة الواردة فى اتفاق الاطراف ذوى الشأن ، لإدماج شرط التحكيم الوارد فى الوثيقة ؟.