التحكيم
فى قانون الجمارك
وقانون الضريبة على المبيعات
للمستشار / عبد الرحمن محمد عبد الرحمن
المستشار بهيئة قضايا الدولة
مقــــدمــــة
التحكيم هو طريق استثنائى سنه المشرع لفض الخصومات ، قوامه الخروج على طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف اليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم ومن ثم فهو يعتبر ويحق أهم وسيلة بمقتضاها يستغنى الاطراف عن قضاء الدولة ، فكما ان الأفراد يستطيعون بإنفاقهم حل منازعاتهم بالصلح فيما بينهم ، فإنهم يستطيعون عرض هذه المنازعة على شخص او أشخاص يختارونهم او يحددون وسيلة اختيارهم لكى يتولوا الفصل فى هذه المنازعات .
والاعتبارات العملية التى تدعو الاطراف الى الالتجاء الى التحكيم اعتبارات مختلفة . فقد تكون الرغبة فى عرض النزاع على أشخاص دوى خبرة فنية خاصة ، او على أشخاص محل ثقة ، وقد تكون الرغبة فى تجنب بطء التقاضى ونفقاته والوصول الى حل النزاع بطريقة أكثر سرعة واقل نفقات ، وقد يكون اعتبار خاص يدفع الاطراف الى الرغبة فى عدم التعرض لعلانية القضاء .
وقد أصبح التحكيم وسيلة فعال لفض المنازعات بين الأشخاص فى مجال العلاقات الخاصة اذ ان اللجوء اليه فى التشريعات الحديثة فى ازدياد كبير ، ومرد ذلك الى أمرين :
أولهما : فرصة الاطراف فى اختيار القواعد الأكثر تلاءما مع طبيعة العلاقة .
ثانيهما : وهو ما يحققه اللجوء الى التحكيم للخصوم من سرعة فى حسم المنازعات لا يحققها لهم اللجوء الى قضاء الدولة التى تطول الاجراءات أمامه .
وهو الأمر الذى حدا بالمشرع فى معظم تشريعات العالم الى أفراد قانون خاص ينظم أحكام التحكيم ، ومن بين هذه القوانين القانون رقم 27 لسنة 1994 الذى صدر فى مصر بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، فضلا عن بعض النصوص المتفرقة فى التشريعات المختلفة واخصها الاقتصادية التى أناطت بهيئات تحكيم نصت على تشكيلها بالفصل فى منازعات بعينها بما يتلاءم وطبيعة تلك المنازعات .
ونظرا لان بحثنا ينصب على التحكيم فى قانون الجمارك وقانون الضريبة العامة على المبيعات ، فكان لزاما علينا ان نوضح ان تطبيق الأنظمة والإجراءات الجمركية المختلفة قد أثار العديد من الخلافات بين مصلحة الجمارك وأصحاب الشأن وهذه المنازعات لها طبيعة متميزة تستعصى معه تطبيق الحلول التقليدية للمنازعات التى تحسمها جهات القضاء المختلفة لغلبة الطابع الاجرائى والجمركى العلمى والتطبيقى عليها وهو ما يستدعى وضع نظام خاص لمعالجة مثل هذه الخلافات الناشئة عن تطبيق الأنظمة الجمركية ولم يكن هذا النظام وليد اللحظة ، اذ مر بمراحل مختلفة بدأ بالمرسوم بالقانون رقم 2 لسنة 1930 الصادر فى 14/2/1930 والذى نص فى المواد السابعة والثامنة والتاسعة منه على إحالة النزاع حول نوع البضاعة او مصدرها الى خبيرين يعين احدهما الجمرك والثانى يعينه المقرر عن البضاعة ومن ثم فان اللائحة الجمركية لم تعرض لأحكام التحكيم الجمركى الا منذ صدور المرسوم السابق وقد اقتصر على حالتين هما نوع او صنف البضاعة او مصدرها .
ثم صدر أول تشريع جمركى متكامل جمع شتات ومتفرقات المسائل الجمركية فى قانون واحد رقم 66 لسنة 1963 ، وقد أرسى هذا القانون وما تلاه من قرار وزير المالية رقم 59 لسنة 1963 فى شأن إجراءات التحكيم وتشكيل اللجان وما لحقه من تعديلات التحكيم الجمركى بصورته الحديثة الى ان أصدرت المحكمة الدستورية العليا قضائها فى القضية رقم 104 لسنة 20 ق دستورية بجلسة 3/7/1999 :
أولا : بعدم دستورية المادة 57 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 .
ثانيا : بسقوط المادة 58 من هذا القانون ، وكذلك بسقوط قرار وزير المالية رقم 228 لسنة 1985 بشأن نظام التحكيم فى المنازعات بين أصحاب البضائع ومصلحة الجمارك .
ثالثا : بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ورغبة من المشرع فى مسايرة التشريعات الحديثة ، وفقد أفراد تنظيما متكاملا للتحكيم الجمركى فى مسائل بعينها عالج من خلاله العوار الدستورى الذى لحق بنظام التحكيم المقضى بعدم دستورية النصوص المنشئة له ، فقد أصدر القانون رقم 160 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون الجمارك . وقد استبدل بموجبه نص المادتين 57/58 ابتغاء الإبقاء على نظام التحكيم الجمركى كوسيلة عالة وسريعة لفض بعض المنازعات الجمركية التى أجاز بشأنها التحكيم .
كما استحدث المشرع الضريبى فى اول تشريع خاص بالضريبة العامة على المبيعات نظام التحكيم فى مسائل بعينها بهدف حل غالبية المشاكل التى تثار بين مصلحة الضرائب على المبيعات والمسجلين دون الالتجاء الى القضاء اختصارا للوقت والجهد ، وميز بين التحكيم فى المنازعات المتعلقة بالسلع المنتجة محليا والخدمات من ناحية والمنازعات المتعلقة بالسلع المستوردة ، فطبق على الأولى الأحكام الواردة فى قانون ضريبة المبيعات وعلى الثانية الأحكام الواردة فى قانون الجمارك ، الى ان صدر قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الطعن رقم 65 لسنة 18ق دستورية بجلسة 6/1/2001 قاضيا :
أولا : بعدم دستورية نص المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 فيما تضمنته من ان لصاحب الشأن ان يطلب إحالة النزاع الى التحكيم المنصوص عليه فى هذا القانون اذا رفع تظلمه او لم يبت فيه والا اعتبر تقدير المصلحة نهائيا .
ثانيا : بعدم دستورية نص المادة 25 من ذلك القانون .
ثالثا : بسقوط نص المادة 36 من القانون المشار اليه .
رابعا : بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ولم ينتهج المشرع الضريبى نهج المشرع الجمركى فقد امسك عن اصدار نصوص قانونية تنظم التحكيم فى ضريبة المبيعات يستعاض بها عن النصوص المقضى بعدم دستوريتها . الى ان اصدار القانون رقم 9 لسنة 2005 فانشأ بموجبه لجان توفيق لفض المنازعات التى تنشأ بين المصلحة والمسجل فى حالات بعينها يكون القرار الصادر فيها نهائيا وفى حالة التظلم يكون القرار الصادر فى التظلم قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية وذلك بالنسبة وذلك بالنسبة للسلع المنتجة محليا والخدمات .
إما السلع المستوردة فان نص المادة 37 من قانون الضريبة على المبيعات والذى أخضعها لأحكام وإجراءات التحكيم الجمركى ما زال قائما ومرتبا لأثاره القانونية ولم يمتد اليه القضاء بعدم الدستورية المذكور وتبقى تلك السلع خاضعة لأحكام وإجراءات التحكيم الجمركى المنصوص عليه فى القانون رقم 160 لسنة 2000 .
المبحث الأول : التحكيم فى القانون الجمركى :
النصوص القانونية :
المادة 57 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المستبدلة بالقانون رقم 160 لسنة 2000 :
اذا قام نزاع بين مصلحة الجمارك وصاحب الشأن حول نوع البضاعة او منشئاها لو قيمتها وطلب صاحب الشأن او من يمثله إحالة النزاع الى التحكيم ووافقت مصلحة الجمارك يحال النزاع الى لجنة تحكيم تشكل برئاسة احد أعضاء الهيئات القضائية بدرجة رئيس محكمة او ما يعادلها تختاره الهيئة وبتعيينه قرار من وزير العدل وعضوية محكم من مصلحة الجمارك يختاره رئيسها او من يفوضه ومحكم يختاره صاحب الشأن او من يمثله وتصدر اللجنة قرارها مسببا بأغلبية الآراء فاذا صدر بالإجماع كان نهائيا ملزما للطرفين غير قابل للطعن فيه الا فى الأحوال المنصوص عليها فى قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 .
ويجوز الطعن فى قرار اللجنة غير النهائى أمام لجنة تحكيم عليا تشكل برئاسة احد أعضاء الهيئات القضائية من درجة مستشار او ما يعادلها على الأقل تختاره الهيئة ، ويصدر بتعيينه قرار من وزير العدل وعضوية محكم عن مصلحة الجمارك يختاره رئيسها او من يفوضه ، ومحكم يختاره صاحب الشأن او من يمثله .
وتفصل لجنة التحكيم العليا فى النزاع بقرار مسبب يصدر بأغلبية الآراء ، ويجب ان يشتمل القرار على بيان من يتحمل نفقات التحكيم ، ويكون قرار لجنة التحكيم العليا نهائيا ملزما لطرفى النزاع غير قابل للطعن فيه الا فى الأحوال المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 المشار اليه فاذا لم يتم الطعن فى قرار اللجنة غير النهائى جاز لصاحب الشأن الطعن فى هذا القرار وفقا للأحوال المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 المشار اليه .
وتسرى على التحكيم فيما لم يرد به نص فى الفقرات السابقة القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 27/1994 المشار اليه .
المادة 58 من ذات القانون :
يشترط لإجراء التحكيم وفقا للمادة السابقة ان تكون البضاعة ما زالت تحت رقابة مصلحة الجمارك الا فى الأحوال التى صدر بها قرار من وزير المالية .
ونفاذا للتفويض التشريعى المقرر بالمادة 58 السابقة فقد أصدر الدكتور وزير المالية القرار رقم 987 لسنة 2000 بشأن نظام التحكيم فى المنازعات بين دوى الشأن ومصلحة الجمارك وسنعرض لأحكامه . فى مواضيع البحث المختلفة .
الحالات التى يجوز فيها التحكيم الجمركى :
تختص لجان التحكيم الجمركى بالفصل فيما قد ينشأ من نزاع بين مصلحة الجمارك وأصحاب الشأن حول :
- نوع البضاعة .
- منشأ البضاعة .
- قيمة البضاعة .
ومن ثم يخرج من اختصاص لجنة التحكيم اى نزاع ينشأ حول بند التعريفة الجمركى المطبق او فئة الضريبة او خضوع السلعة لقواعد الحظر من عدمه طالما لم يكن هناك خلاف حول القيمة .
وقد ثار الخلاف حول مدى جواز التحكيم فى شأن سعر الصرف والمعول عليه فى احتساب قيمة البضاعة انتهاءا بحسبة الرسوم المستحقة اذا انتهجت محكمة القضاء الادارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 154 لسنة 43 ق بجلسة 8/5/1990 والمقامة من مصلحة الجمارك طعنا على قرار لجنة التحكيم العالى الجمركى بتاريخ 10/8/1988 نهجا مؤداه إمساك لجنة التعليم العليا عن الخوض فى الخلاف الدائر بين صاحب البضاعة ومصلحة الجمارك حول تحديد سعر الصرف الواجب الاعتداد به عند حساب الضرائب الجمركية ، فقضت بإلغاء القرار الطعين لصدوره من غير مختص بالمخالفة لحكم القانون .
فى حين أرتا آخرون ان سعر الصرف بعد عنصرا أساسيا ولازما فى تقدير قيمة البضاعة للأغراض الجمركية يستحيل تجاهله ومن ثم يكون الخلاف المتعلق به مما يرتبط بالنزاع حول قيمة البضاعة الذى ينعقد الاختصاص ينظره للتحكيم الجمركى .
ونرى ان الرأى الأخير له وجاهته اذ ان سعر الصرف هو المعول عليه ابتداءا لتحديد قيمة البضاعة للأغراض الجمركية وانتهاء بحسبة الضرائب الجمركية المستحقة ، ويتعذر احتساب تلك القيمة او الحسبة دون الاعتداء به وان النزاع حوله فى جوهره هو نزاع حول القيمة .
شرط إجراء التحكيم الجمركى :
استلزمت المادة 58 من القانون الجمركى لإجراء التحكيم شرطا يقتضى بأن تكون البضاعة ما زالت تحت رقابة مصلحة الجمارك الا فى الأحوال التى يصدر بها قرار وزير المالية .
وقد أجازت المادة الثانية من قرار وزير المالية رقم 987 لسنة 2000 لصاحب البضاعة او من يمثله قانونا ان يطلب سحب البضاعة من الدائرة الجمركية بعدم اخذ العينات القانونية اللازمة منها وأداء الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم الملحقة بها ونفقات التحكيم المنصوص عليها فى المادة السابعة بالإضافة الى جميع المبالغ الأخرى المستحقة وذلك على سبيل الأمانة لحين الفصل فى التحكيم .
الإحالة الى القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية :
نصت الفقرة الأخيرة من المادة 57 من القانون الجمركى على ان :
” ……….. وتسرى على التحكيم فيما لم يرد به نص فى الفقرات السابقة القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 المشار اليه “
وإعمالا لتلك المادة يطبق على التحكيم الجمركى بدرجتيه القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 فيما لم يرد نص فى المادة 57 السابقة .
ومن ثم فان تطبيق القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 على التحكيم فى مواضع البحث المختلفة مرده الى تلك الإحالة وخلو نص المادة 57 من أية قواعد او إجراءات منظمة للمسألة محل البحث .
إجراءات التحكيم ومراحله
أ – الاجراءات الأولية للتحكيم :
أصدر الدكتور وزير المالية القرار رقم 987 لسنة 2000 بشأن نظام التحكيم فى المنازعات بين دوى الشأن ومصلحة الجمارك ، فقد أجاز لذوى الشأن فى حالة نشؤ نزاع مع مصلحة الجمارك حول نوع البضاعة او منشئها او قيمتها تقديم طلب لرئيس الإدارة المركزية الذى يقع فى دائرة النزاع لإحالته الى التحكيم فان قبله يتم عرض النزاع على إحدى لجان التحكيم بعد سداد أمانة نفقات التحكيم بواقع 250 جنيها وكذا أداء الضرائب والرسوم والمبالغ الأخرى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القرار السابق على سبيل الأمانة الى حين الفصل فى التحكيم .
ويتعين على مدير المجمع الجمركى المختص إثبات طلب صاحب البضائع او من يمثله قانون بإحالة النزاع الى التحكيم فى محضر من صورتين على النموذج المرافق لهذا القرار ويوقع عليها من الطالب مع تسليمه صورة من المحضر بعد أداء المبالغ المنصوص عليها فى المادتين 1 ، 2 من هذا القرار بحسب الأحوال .
وترفق المستندات اللازمة لنظر التحكيم وعلى الأخص شهادة تحليل المعمل الحكومى المختص عند الاقتضاء وشهادة المورد الاصلى المنتج للبضاعة مشمول البيان الجمركى والفواتير الاصلية الصادرة منه والعقود وغيرها من المستندات الأخرى على ان يثبت كل هذه المستندات بالمحضر .
وعلى مدير المجمع بمجرد إثبات طلب التحكيم فى المحضر المشار اليه وبحضور صاحب البضاعة او من يمثله قانونا ان يأخذ عينة مزدوجة من البضائع محل التحكيم للرجوع إليها عند التحليل او فحص البضائع وتوضع هذه العينات فى إحراز تختم بخاتم كل من موظف الجمرك وصاحب البضاعة او من يمثله قانونا ، ويثبت كل ذلك فى المحضر المشار اليه مع إثبات نموذج من بصمة الأختام .
أما البضائع التى يتعذر اخذ عينات منها ولا يقتضى الأمر عرضها بالذات على لجنة التحكيم فيكتفى بان يقدم عنها كتالوج ومذكرة وافية يرفقان بالمحضر بالإضافة الى شهادة تحليل المعامل الحكومية المختصة وغيرها من المستندات اللازمة للتحكيم دون الإخلال بالحق فى المعاينة طبقا للقانون .
ب- مراحل التحكيم :
من الضمانات المقررة فى كافة الأنظمة القضائية الحديثة مبدأ التقاضى على درجتين فللخصم الذى صدر الحكم كليا او جزئيا لغير صالحه ان يطرح قضيته كلها او جزء منها أمام محكمة أعلى من تلك التى أصدرت الحكم ، وللمحكمة الأخيرة اما مراقبة الحكم سواء بتأييده او عدم تأييده او إعادة نظر القضية ينفس السلطات التى كانت لقاضى أول درجة ومسايرة لتلك الضمانة فقد انتهج المشرع الجمركى ذات النهج . اذ نص فى المادة 58 من القانون الجمركى على ان يتم التحكيم على درجين يمكن تسميتها بالمرحلة الابتدائية ” التحكيم الابتدائى ” ” والمرحلة الاستئنافية ” التحكيم العالى .
1- التحكيم الابتدائى :
تشكيل لجنة التحكيم الابتدائى
أنفاذ لحكم المادة 58 من القانون السابق وقرار وزير المالية المذكور تشكل لجنة تحكيم ابتدائى او أكثر فى كل قطاع جمركى لنظر طلبات التحكيم برئاسة احد أعضاء الهيئة القضائية بدرجة رئيس محكمة او ما يعادلها تختاره الهيئة التى يتبعها وعضوية محكم من مصلحة الجمارك يصدر به قرار من رئيس المصلحة او من يفوضه ، ومحكم يختاره صاحب الشأن او من يمثله .
وبداهة يتعين ان يكون محكم مصلحة الجمارك لم يسبق له ثمة رأى فى النزاع وألا يكون قد شارك فى تقدير قيمة البضاعة وألا فقد حيدته واستقلاله ويجوز رده من قبل صاحب الشأن أنفاذا لحكم المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 المستبدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 وعملا بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 57 من القانون الجمركى والقاضية بسريان القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 فيما لم يرد به نص فى المادة السابقة .
أثر تخلف صاحب الشأن عن تعيين محكم او تخلف محكمه عن الحضور فى الميعاد :
أناطت المادة الرابعة من القرار الوزارى رقم 987 لسنة 2000 بالأمانة الفنية للتحكيم أخطار اللجنة بتاريخ انعقادها فى ميعاد لا يجاوز أسبوعين من تاريخ تقديم طلب الإحالة للتحكيم إليها فان امتنع صاحب الشأن عن تعيين محكم عنه او لم يحضر محكمه فى ميعاد انعقاد اللجنة يعد ذلك عدولا عن طلب التحكيم ولا ترد اليه أمانته .
ومن ثم فانه القرار المذكور اعتبر إمساك صاحب الشأن عن تعيين محكم او تقاعس محكمه عن الحضور فى ميعاد انعقاد اللجنة بمثابة عدولا عن طلب التحكيم يترتب عليه مصادرة الأمانة .
إجراءات نظر التحكيم الابتدائى :
تنظر لجان التحكيم الابتدائى المنازعات التى تحال اليها وفقا للإجراءات الاتية :
- تتولى الأمانة الفنية للجنة إخطار أعضاء اللجنة بميعاد ومكان اجتماعها وبأية تعديلات تطرأ بعد ذلك قبل الميعاد المحدد بوقت كاف وذلك بكتاب موصى عليه او بإخطار كتابى مع التوقيع من كل محكم بما يفيد العلم .
- تجتمع اللجنة فى الميعاد والمكان المحددين وتتولى فحص موضوع النزاع وتوضع تحت تصرفها الأوراق والمستندات المقدمة وكذلك إحدى العينتين مع بقاء العينة الثانية بالجمرك للرجوع اليها عند الحاجة .
- أى مستندات او وجهات نظر جديدة لم تكن مبداة فى المحضر او مرفقة به يرى ممثل صاحب البضاعة ضمها الى التحكيم يجب ان تقدم الى الأمانة الفنية المختصة قبل اجتماع اللجنة بوقت كاف .
- تثبت اللجنة رأيها فى المكان المعد لذلك فى المحضر ويوقع كل عضو من أعضاء اللجنة ويجب عليه استعمال اصطلاحات التعريفة الجمركية وشروحها وتحديد المعاملة الجمركية للبضاعة موضوع النزاع تحديدا دقيقا لا لبس فيه .
- تصدر اللجنة قراراها اما بالإجماع فيكون نهائيا واما بأغلبية الآراء فيجوز الطعن عليه أمام اللجنة العليا للتحكيم على ان يتم اختيار العينة محل النزاع لعرضها على لجنة التحكيم العليا .
نظر خصومة التحكيم ونطاقها :
تتقيد لجنة التحكيم الجمركى بنطاق الخصومة المعروضة عليها . اذ لا يجوز لها التعرض لأية مسألة لم تطرح عليها بمعرفة طالب التحكيم . ذلك انه هو الذى يحدد معالم تلك الخصومة والحق الذى يبتغى حمايته بقرار تصدره تلك اللجنة وكذا فان اللجنة ملتزمة بالحالات التى أجاز فيها المشرع التحكيم الجمركى دون سواها ، فاذا كان يرتبط بالتحكيم مسألة لا تندرج ضمن تلك الحالات ، فانه يتعين على اللجنة الإمساك عن الفصل فى هذه المسألة المرتبطة ، لان اختصاصها استثنائى لا يجوز التوسع فيه .
وأجاز المشرع للمستورد إضافة طلب تحكيم جديد أمام اللجنة بشرط استيفاء الاجراءات الورادة بالقرار الوزارى رقم 987 لسنة 2000 اذ نصت المادة 32 من القانون رقم 27 لسنة 1994 على ان :
” لكل من طرفى التحكيم تعديل طلباته او وأوجه دفاعه او استكمالها خلال إجراءات التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعا من تعطيل الفصل فى النزاع “
كما أجازت المادة 36 من القانون السابق للجنة التحكيم أثناء نظره الاستعانة بخبير او أكثر فى المسائل الفنية التى تحتاج الى خبرة متخصصة ويتعين على الطرفين إمداد الخبير بكافة المعلومات والمستندات اللازمة لإنجاز مهمته ، وتفصل اللجنة فى أى نزاع بين الخبير وأحد الطرفين ، وتخطر اللجنة الاطراف بصورة من تقرير الخبير عقب إيداعه لتمكنهم من إبداء رأيهم فيه .
وللجنة التحكيم الاستماع الى أية شهود ترى ضرورة الاستماع الى شهادتهم او بناء على طلب الخصوم وذلك دون أداء يمين عملا بنص المادة 33 من القانون السابق .
وأجاز القرار الوزارى السابق فى مادته التاسعة لكل من مصلحة الجمارك وصاحب الشأن اختيار ممثله الذى يتولى دفاع عنه أمام اللجنة ، على ان يتولى اختيار ممثل مصلحة الجمارك ورئيسها .
وخصومة التحكيم شأنها شأن الخصومة العادية يعتريها انقطاع سير الخصومة لوفاة صاحب الشأن او زوال صفة الممثل القانونى للشخص المعنوى ، وقد نصت المادة 38 من القانون السابق على ان :
” ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم فى الأحوال ووفقا للشروط المقررة لذلك فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ويترتب على انقطاع سير الخصومة الآثار المقررة فى القانون المذكور ” .
ومن ثم فاذا توفى صاحب الشأن أثناء نظر التحكيم الجمركى فانه يتعين على رئيس اللجنة اصدار قراره بوقف سير التحكيم ما لم تكن المنازعة مهيأة للفصل فيها .
ويترتب على انقطاع سير الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التى كانت جارية فى حق الخصوم وبطلان الاجراءات التى تحصل أثناء الانقطاع ، وتستأنف خصومة التحكيم سيرها اذا طلب احد طرفى التحكيم استئناف سيرها ، واذا حضر ورثة صاحب الشأن او المثل القانونى الجديد للشخص المعنوى جلسة التحكيم التى كانت محددة لنظره وباشر السير فيها او اصدار توكيلا خاصا للمحكم لمباشرة أعمال التحكيم فانهما يكونا قد صححا شكل الخصومة ، ويتعين على اللجنة الاستمرار فى نظر الخصومة والإمساك عن اصدار قرار بانقطاع السير فيها .
ولما كان طالب التحكيم هو المحرك للخصومة بطلبه احاطة النزاع الى التحكيم ، فان المشرع أجاز له فى المادة 48 من القانون رقم 27 لسنة 1994 ترك خصومة التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم بناء على طلب المدعى عليه ان له مصلحة جدية فى استمرار الاجراءات . حتى يحسم النزاع ، وتبعا لذلك فانه يجوز للجنة التحكيم قبول تنازل صاحب الشأن عن التحكيم شريطة عدم طلب المدعى عليه الاستمرار فيه واستصدار قرار حاسم للخصومة .
ويترتب على قبول التنازل إلغاء جميع إجراءات التحكيم التى تمت والإفراج عن البضاعة طبقا لما انتهى اليه رأى الجمرك المختص ومصادرة نفقات التحكيم المسددة .
ويتعين على اللجنة الفصل فى النزاع طبقا للقواعد الموضوعية الواردة بالقانون الجمركى اذ إنها ليست معفاة منها .
قرار لجنة التحكيم الابتدائى وطرق الطعن عليه :
نصت المادة 57 من القانون الجمركى على ان :
” وتصدر اللجنة قرارا مسببا بأغلبية الآراء ، فاذا صدر بالإجماع كان بهائيا ، ملزما للطرفين غير قابل للطعن فيه الا فى الأحوال المنصوص عليها فى قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 ” .
ومؤدى تلك المادة ان قرار لجنة التحكيم الابتدائى اما ان يصدر بأغلبية الآراء او يصدر بالإجماع وفى الحالة الأخيرة يكون نهائيا ملزما للطرفين غير قابل للطعن فيه ويبرز ذلك قبول طرفا التحكيم لهذا القرار حال صدوره يعد مانعا من معاودة طلب نقضه ، ولكن ليس على الإطلاق فان القرار الصادر بالإجماع يجوز الطعن عليه فى الأحوال المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 .
اما فى الحالة الأولى صدور القرار بأغلبية الآراء ، فانه يكون قابلا للطعن عليه امام اللجنة العليا للتحكيم خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره . واذا كان الطعن من صاحب الشأن تعين عليه أداء أمانة لنفقات الطعن مقدارها خمسمائة جنيه .
كما يجوز الطعن على هذا القرار اذا لم يتم الطعن عليه امام اللجنة العليا للتحكيم وذلك وفقا للأحوال المنصوص عليها فى القانون رقم 27 لسنة 1994 .
وفى كل الاحوال يتعين ان يكون قرار لجنة التحكيم الجمركى مسببا ، فضلا عن البيانات التى أوردتها المادة 57 من القانون الجمركى وقرار وزير المالية السابق بضرورة اشتمال القرار على من يتحمل نفقات التحكيم ، واثبات اللجنة رأيها فى المكان المعد لذلك فى المحضر وتوقيع أعضاء اللجنة على هذا المحضر ، اضافة الى البيانات الى عددتها المادة 43/3 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وسكت عنها نص المادة 57 السابقة المتمثلة فى ضرورة اشتمال الحكم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره .
2- التحكيم العالى :
تشكيل اللجنة العليا للتحكيم :
تشكل بكل قطاع جمركى لجنة عليا او أكثر برئاسة احد أعضاء الهيئات القضائية بدرجة مستشار او ما يعادلها على الأقل تختاره الهيئة التى يتبعها ويصدر بتعيينه قرار من وزير العدل وعضوية محكم عن الجمارك يختاره رئيسها او من يفوضه ومحكم يختاره صاحب الشأن او من يمثله على الا يكونوا من بين الأعضاء الذين نظروا التحكيم المطعون على قراره وتصدر اللجنة قرارها بأغلبية الآراء بعد الاستماع الى دفاع الطرفين وبحث المستندات ويكون قرارها نهائيا .
اختصاص اللجنة العليا للتحكيم :
تختص اللجنة العليا للتحكيم الجمركى بنظر الطعون فى قرارات لجنة التحكيم الابتدائى غير النهاية ، وتتقيد عند نظر الطعن بنطاق المنازعة التى كانت معروضة على لجنة التحكيم الابتدائى ، فلا يجوز لها ان تتعرض للفصل فى أمر غير معروض عليها او ان تسوئ مركز الطاعن .
الاجراءات التى تتبع امام اللجنة العليا للتحكيم :
نصت المادة السابعة من قرار وزير المالية أنف الذكر على ان تنظر لجان التحكيم العليا فى الطعون التى تحال اليها فى قرارات اللجان الابتدائية وفقا للإجراءات الاتية :
- تتولى الأمانة الفنية للجنة العليا للتحكيم بمجرد إحالة أوراق التحكيم اليها من أمانة اللجنة الابتدائية عرض الاوراق على رئيس القطاع الجمركى المختص ليتولى تحديد اللجنة التى تنظر التحكيم وميعاد ومكان اجتماعها على ان يكون ذلك فى القطاع المختص .
- تتولى الأمانة الفنية اخطار أعضاء اللجنة بمكان الاجتماع والميعاد المحدد له قبل انعقاده بأسبوع على الاقل ، وذلك بكتاب موصى عليه او بأخطار كتابى مع التوقيع من كل محكم بما يفيد العلم .
- تجتمع اللجنة فى المكان والميعاد المحددين وتوضع تحت تصرفها الاوراق والمستندات الورادة اليها . ويصدر قرار اللجنة بأغلبية الاصوات وتثبت اللجنة قرارها فى المحضر ويوقع عليه من أعضائها .
- يكون القرار الصادر من اللجنة العليا نهائيا ملزما لطرفى النزاع غير قابل للطعن فيه الا فى الاحوال المنصوص عليها فى قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 ويجب ان يتضمن القرار تحديد من يتحمل نفقات التحكيم ، وتتولى الأمانة الفنية اخطار كل من رئيس القطاع وصاحب البضاعة او من يمثله قانونا بالقرار بكتاب موصى عليه .
- على رئيس القطاع الجمركى أخطار مدير المجمع الموجودة به البضاعة محل النزاع بقرار اللجنة لاتخاذ اللازم فورا فى ضوء القرار .
قرار لجنة التحكيم العليا :
القرار الصادر من لجنة التحكيم العليا نهائيا ملزما لطرفى النزاع غير قابل للطعن عليه الا فى الاحوال المنصوص عليها فى المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 ويتعين ان يكون صادرا بأغلبية الآراء .
كما استلزمت المادة 57 من القانون الجمركى ان يكون هذا القرار مسببا وان يشتمل على من يتحمل نفقات التحكيم ، وأوجب القرار الوزارى السابق ان تثبت اللجنة قرارها فى محضر يوقع عليه أعضاءه . فضلا عن البيانات التى عددتها المادة 43/3 من القانون رقم 27 لسنة 1994 والسابق إيرادها.
حالات الطعن القضائى على قرارات
لجان التحكيم الجمركى والمحكمة المختصة بنظره
عددت المادة 57 من القانون الجمركى المستبدلة بالقانون رقم 160 لسنة 2000 الحالات التى يجوز فيها الطعن على قرارات لجان التحكيم الجمركية امام القضاء وحصرتها فى ثلاث حالات :
الحالة الاولى :
قرارات لجان التحكيم الابتدائية النهائية الصادرة بإجماع أراء اللجنة .
الحالة الثانية :
قرارات لجان التحكيم العليا النهائية .
وقد أحال المشرع الجمركى لبيان أحوال الطعن فى الحالات المتقدمة الى الاحوال المنصوص عليها فى قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 ، وقد نصت المادة 52 من هذا القانون :
- لا تقبل أحكام التى تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية .
- يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقا للأحكام المبينة فى المادتين التاليتين .
وكذا نصت المادة 53 من القانون السابق على ان :
1- لا تقبل دعوى بطلان التحكيم الا فى الاحوال الاتية :
- أ- اذا لم يوجد اتفاق التحكيم او كان هذا الاتفاق باطلا او قابلا للإبطال او سقط بانتهاء مدته .
- ب- اذا كان احد طرفى اتفاق التحكيم وقت التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية او ناقصها وفقا للقانون الذى يحكم أهليته .
- ج- اذا تعذر على احد طرفى التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم او بإجراءات التحكيم او لاى سبب خارج عن إرادته .
- د- اذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذى اتفق الاطراف على تطبيقه على موضوع النزاع .
- ه- اذا تم تشكيل هيئة التحكيم او تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون او لاتفاق الطرفين .
- و- اذا فصل حكم التحكيم فى مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او جاوز جدود هذا الاتفاق ـ ومع ذلك اذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان الا على الأجزاء الأخيرة وحدها .
- ز- اذا وقع بطلان فى حكم التحكيم او كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانا أثر فى الحكم .
2- وتقضى المحكمة التى تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم اذا ضمن ما يخالف النظام العام فى جمهورية مصر العربية .
كما نصت المادة 54 من ذات القانون على أن :
- ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوما التالية لإعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعى البطلان عن حقه فى رفعها قبل صدور حكم التحكيم .
- تختص بدعوى البطلان فى التحكيم التجارى الدولى المحكمة المشار اليها فى المادة 9 من هذا القانون وفى غير التحكيم الدولى يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التى تتبعها المحكمة أصلا بنظر النزاع .
ومن استقراء تلك النصوص يبين لنا أن الطعن القضائى على قرارات لجان التحكيم الجمركية فى الحالات الثلاثة السابقة مقصور على رفع دعوى ببطلان قرار التحكيم وذلك فى الاحوال السبعة التى عددتها المادة 53 السابقة وان كان معظم تلك الاحوال يتنافر مع طبيعة المنازعة الجمركية محل التحكيم ومن ثم فإننا نأخذ بالأحوال التى تتناغم وتنسجم مع طبيعة التحكيم الجمركى .
وميعاد الطعن القضائى خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان قرار التحكيم لصاحب البضاعة او من يمثله قانونا او لمصلحة الجمارك وقد أوجبت المادة 7/4 من القرار الوزارى المذكور سلفا على الأمانة الفنية للجنة العليا للتحكيم اخطار كل من رئيس القطاع او صاحب البضاعة او من يمثله بالقرار بكتاب موصى عليه ، ولم يتضمن هذا القرار نص مماثل يلزم الأمانة الفنية للجنة التحكيم الابتدائى يمثل هذا الإخطار رغم ان القرار الصادر من تلك اللجنة خاضع فى حالتين للطعن القضائى . وهو الأمر الذى يتعذر معه جريان ميعاد الطعن .
وقد أناط المشرع بمحكمة الدرجة الثانية التى تتبعها المحكمة المختصة أصلا ينظر النزاع – بنظر دعوى بطلان قرار التحكيم ، وهو محكمة الاستئناف فى شأن التحكيم الجمركى دون محاكم مجلس الدولة – اذ ان تطبيق نص المادة 10/6 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 باختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر الطعون فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذى ينظم نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة – مرهونا بإصدار قانون الاجراءات الخاص بمجلس الدولة والذى لم يصدر بعد ومن ثم ينحصر اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر تلك المنازعات وقد تبنت محكمة النقض المصرية هذا الرأى فى ظل قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1995 واعتبرت عدم صدور قانون الاجراءات الخاص بالقسم القضائى الذى ينظم نظر المنازعات امام محاكمه والمنصوص عليه فى المادة 73 من هذا القانون مانعا من نظر المنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم امام مجلس الدولة ، وأبقت الاختصاص بها للمحاكم العادية باعتبارها صاحبة الاختصاص العام .
” الطعن رقم 115 لسنة 33 ق جلسة 31/3/1968 س 19 ص 557 “
هذا لو سلمنا ان ما تصدره لجان التحكيم الجمركية قرارات إدارية ، امام الحقيقة فان ما يصدر عن تلك اللجان هو عمل قضائى بالمعنى الصحيح اذ انه قد فصل ى خصومة قائمة مطبقا قواعد موضوعية عامة مجردة تتمثل فى الأحكام الموضوعية الواردة بالقانون الجمركى ، وهو ذات المنحى الذى أخذت به المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 95 لسنة 20ق دستورية بجلسة 11/5/2003 والمنشورة بالجريدة الرسمية بالعدد 22 تابع فى 29/5/2003 اذ جاء بمدونات هذا الحكم :
” وحيث ان أحكام هيئات التحكيم الصادرة طبقا لقانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983 هى أحكام لها حجية ونافذة شأنها فى ذلك شأن أحكام هيئات التحكيم التى تصدر فى منازعات التحكيم المبنى على اتفاق الخصوم ، فكلاهما يعد عملا قضائيا يفصل فى خصومة ، بما مؤداه وجوب تقيدها بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضى ” .
والخلاصة ان قرارات التحكيم الجمركية القابلة للطعن القضائى ينعقد الاختصاص ينظر الطعن عليها لمحاكم الاستئناف وليس لمحاكم مجلس الدولة .
وغنى عن البيان ان صاحب الحق فى رفع دعوى البطلان هو المحكوم ضده سواء كانت مصلحة الجمارك او صاحب الشأن ولا يترتب على رفع الدعوى ببطلان قرار التحكيم الجمركى فى الحالات المذكورة وقف ما لم تتضمن صحيفة الدعوى طلب وقف التنفيذ وان يكون على أسباب جدية ، وتقضى المحكمة بوقف التنفيذ شريطة تقديم كفالة او ضمان مالى وهو ما قررته المادة 57 من القانون رقم 27 لسنة 1994 .
إغفال لجان التحكيم الجمركى الفصل فى بعض الطلبات :
نصت المادة 51 من القانون رقم 27 لسنة 1994 على ان :
- يجوز لكل من طرفى التحكيم ، ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم ان يطلب من هيئة التحكيم خلال ثلاثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم اصدار حكم تحكيم إضافى فى طلبات قدمت خلال الاجراءات وأغفلها حكم التحكيم ، ويجب إعلان هذا الطلب الى الطرف الأخر قبل تقديمه .
- وتصدر هيئة التحكيم حكمها خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب ويجوز لها مد هذه الميعاد ثلاثين يوما أخرى اذ رأت ضرورة لذلك .
ومؤدى تلك المادة انه اذا صدر قرار لجنة التحكيم الجمركى مغفلا الفصل فى بعض الطلبات ، فان اللجنة لا تستنفد بالقرار ولايتها فى الفصل فى هذا الطلب ، ولهذا فانه يجوز صاحب الشأن ان يعود مرة أخرى الى نفس اللجنة التى أصدرت القرار لكى تنظر ما أغفلت الفصل فيه بطلب استصدار قرار تحكيم إضافى وذلك بتكليف خصمه بالحضور امام اللجنة شريطة تقديم هذا الطلب خلال ثلاثين يوما التالية لتسلمه قرار التحكيم وان يكون الطلب التى أغفلت اللجنة الفصل فيه قد قدم خلال الاجراءات ويخضع القرار الصادر فى التحكيم الاضافى لطريق الطعن المناسب .