عدم التزام المحكم بالقانون لا يجيز له مخالفته
أى أن هل مجرد إعفاء المحكم بالصلح من تطبيق القانون ، فهل يجيز له ذلك مخالفة القانون ؟
وللأجابة على هذا التساؤل بأنه اذا كان المحكم بالصلح معفى من تطبيق القانون فلا يحق له مخالفة القانون …… فالتحكيم بالصلح هو تنازل أطراف عقد التحكيم عن التذرع بتطبيق القوانين ، ولكن الحكم التحكيمى ، اذ استبعد تطبيق بعض القوانين الالزامية فقد يعتوره عيب بهدده بالإبطال ، او على الاقل ، يجعله غير قابل للتنفيذ .
لابد هنا من التفريق بين القوانين الالزامية والقوانين التكميلية .
- القوانين المكملة لسلطان الارادة :
وهى تعطى الاطراف حرية تامة فى الحركة . والتنازل عن تطبيق القوانين فى التحكيم بالصلح ، يجعل المحكم فى وضع مريح مع هذه القوانين التى يمكن استبعاد تطبيقها .
- القوانين التى لا يجوز استبعادها :
وهى قوانين وضعت لحماية أوضاع تتسم بالضعف والقصر او عدم الاهلية ، او تتعلق بمصالح عامة اقتصادية او اجتماعية . هذه القوانين لا يمكن التنازل عن تطبيقها ، لان ذلك يشكل مخالفة للنظام العام . هذا فى التحكيم الداخلى . أما فى التحكيم الدولى فانه يجب الاخذ بعين الاعتبار :
- ان اتفاقات التحكيم الدولية ، ولا سيما اتفاقية نيويورك ، تجيز عدم تنفيذ الحكم اذا كان مخالفا للنظام العام ، فى البلد المطلوب فيه التنفيذ ، ويجيز ايضا عدم تنفيذه ، اذا أبطل فى البلد الذى جرى فيه التحكيم .
فالتحكيم الدولى بالصلح ، وان أعفى من تطبيق القانون ، الا ان المحكم يجب ان يصدر حكما قابلا للتنفيذ فى الخارج . من هنا ، فانه ملزم بعدم مخالفة القوانين الالزامية فى البلد الذى يجرى فيه التحكيم . وبالتالى عدم استبعادها وان كان معفى من تطبيق القانون . كما هو ملزم بعدم استبعاد القوانين الالزامية ، فى البلد الذى سيجرى فيه تنفيذ الحكم التحكيمى بالصلح حتى لا يبقى الحكم حبرا على ورق .
- ان اتجاها بدأ فى الاجتهاد والفقه الدوليين ، ثم اخذ المشرعون يتبنونه ، يذهب الى التفريق بين النظام العام الداخلى والنظام العام الدولى ، بحيث لا يصطدم الحكم التحكيمى الدولى بالصلح ، الا بالنظام العام الدولى . وهذا الاتجاه يعطى النظام العام الدولى مفهوما واسعا ، بحيث يضيق كثيرا حقل الإلزام والألغام فى الاحكام التحكيمية الدولية ، فلا يعود الحكم التحكيمى الدولى معرضا للاصطدام بألغام النظام العام او على الاقل هذه المخاطر .