أثر بطلان حكم التحكيم
على
اتفاق التحكيم
( نظرية استهلاك اتفاق التحكيم )
( الاستهلاك الزمنى ـ الاستهلاك الموضوعى )
(تعليق على حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر فى الدعوى رقم 1178 لسنة 2002 تجارى كلى جنوب الدائرة (14 تجارى ) بتاريخ 28/10/2003 )
الدكتور
رضا السيد عبد الحميد
أستاذ القانون التجارى والبحرى
وكيل كلية الحقوق للدراسات العليا والبحوث
كلية الحقوق ـ جامعة عين شمس
المحامى بالنقض
مقدمة :
قد يطعن على حكم التحكيم ويقضى ببطلانه ، فما أثر هذا البطلان على اتفاق التحكيم ؟ وبتعبير أخر ، هل يجوز اللجوء الى التحكيم مرة أخرى استنادا لذات التحكيم الذى صدر بناء عليه الحكم المقضى ببطلانه ؟ هل يظل اتفاق التحكيم المذكور متمتعا بقوته الالزامية فى مواجهة طرفيه ؟ .
تقضى الإجابة على هذا التساؤل التفرقة ـ بين فرضين هما : ـ
الفرض الاول : اذا كان بطلان حكم التحكيم راجعا الى السبب الوارد بالفقرة (أ) من البند رقم 1 من المادة 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، وهى عدم وجود اتفاق تحكيم او بطلانه أو سقوطه بانتهاء مدته ، فلا يجوز فى هذه الحالة اللجوء الى التحكيم الذى قضى ببطلان الحكم الصادر فيه مرة أخرى استنادا لذات الشرط ، وذلك لفقدان اللجوء الى التحكيم لأساسه ، وهو اتفاق التحكيم ، الامر الذى لا يثور معه التساؤل المطروح سلفا ، ويخرج هذا الفرض الاول بالتالى من نطاق تلك الدراسة .
الفرض الثانى : اذا كان بطلان حكم التحكيم راجعا الى أحد الاسباب الاخرى الواردة بالبند رقم 1 من المادة 53 من قانون التحكيم . أى ان الحكم بالبطلان لم يمس اتفاق التحكيم من حيث وجوده او صحته ، فهل يلزم هذا الاتفاق طرفيه باللجوء الى التحكيم مرة أخرى ، أم ان اتفاق التحكيم لا يصلح سندا للجوء الى التحكيم الا مرة واحدة ، ويسترد طرفاه حريتهما فى ولوج طريق القضاء بعد استفادة تلك المرة ؟
لقد خلا قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 من إجابة على هذا التساؤل ، ولكننا نرى أنه من الممكن التوصل الى تلك الاجابة بالرجوع الى الاحكام العامة للعقود عموما فى القانون المدنى بحسبان ان اتفاق التحكيم عقد .
وسوف نبنى إجابتنا على التساؤل محل هذا البحث على ما أطلقنا عليه تعبير نظرية استهلاك اتفاق التحكيم . ونقسم هذا الاستهلاك الى نوعين هما : الاستهلاك الزمنى ( المبحث الاول ) ، والاستهلاك الموضوعى ( المبحث الثانى ).
المبحث الاول
الاستهلاك الزمنى لاتفاق التحكيم
*********
يتعين بداية ان نحدد المقصود بالاستهلاك الزمنى لاتفاق التحكيم وأنواع هذا الاستهلاك ( الفرع الاول ) ومدى تأثيره بانتهاء الاجراءات وصدور حكم التحكيم ( الفرع الثانى ) ، ثم نوضح بعد ذلك الاثار المترتبة عليه ( الفرع الثالث ) .
الفرع الاول
مفهوم الاستهلاك الزمى لاتفاق التحكيم وأنواعه :
من المقرر قانونا وفقا لحكم المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ان مدة التحكيم اثنا عشر شهر تحتسب من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على مدة . ويجوز لهيئة التحكيم مد المدة القانونية او الاتفاقية لفترة لا تزيد على ستة أشهر ما لم يتفق الاطراف على مدة تزيد على ذلك .
ومن الواضح ان مدة التحكيم قد تكون ثابتة باثنى عشر شهر اذا لم يتفق الطرفان على مدة ، وقد تكون متغيرة اذا اتفق الطرفان عليها ، اذ انها تختلف باختلاف هذا الاتفاق . وسواء تعلق الامر بمدة قانونية او اتفاقية ، قان اتفاق التحكيم يعد عقدا زمنيا يظل ساريا ومنتجا لاثاره طوال المدة المحدد له قانونا او اتفاقا . ويتوقف عن إنتاج تلك الاثار بانتهاء مدته ، ويسقط اذا لم يستعمل بمرور تلك المدة .
فاتفاق التحكيم على هذا النحو يعتبر عقدا محدد المدة بحكم القانون ، حيث فرضت المادة 45 المشار اليها من قانون التحكيم على طرفى التحكيم ان يحددا له مدة معينة ، فاذا لم يتفقا تطبق المدة القانونية وهى اثنا عشر شهرا منذ بدء إجراءات التحكيم ، كما تقضى المادة 53 فقرة (أ) بند 1 بسقوط التحكيم بانتهاء مدته .
وعلى ذلك ، فانه لا يجوز فى جميع الاحوال ان يكون اتفاق التحكيم غير محدد المدة . وقد يقال ان اتفاق التحكيم قد يرد فى صورة بند مضغم ومجمل ضمن بنود العقد الاصلى ، ولا يتضمن مدة معينة لسريانه ، ومن ثم فانه يظل قائما ويجوز استعماله فى كل مرة يبطل فيها حكم التحكيم بسبب لا يتعلق به ، باعتبار ان وروده على هذا النحو يجعله عقدا غير محدد المدة . ( قرب هذا المعنى د/ مختار بريرى . التحكيم التجارى الدولى طبعة 1999 ، ص 235 . دار النهضة العربية ) .
وهذا القول ظاهر الفساد ومناقض لصريح نص المادة 45 المذكرة من قانون التحكيم التى تشترط ان يكون لاتفاق التحكيم مدة محددة ، سواء كانت مدة قانونية او اتفاقية . كما ان القول المذكور يتجاهل العلاقة بين هذا النوع المجمل من اتفاقات التحكيم و مشارطة التحكيم . فاتفاق التحكيم الذى يأتى مجملا وخاليا من تحديد مدة لسريانه إنما يقرر فقط مبدأ اللجوء الى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة عن القعد الذى جاء كأحد بنوده ، وهذا المبدأ يتم ترجمته وبيان تفاصيله ووضعه موضوع التنفيذ فى شكل مشارطة تحكيم تفصيلية يتم الاتفاق عليها وتوقيعها من الطرفين بعد نشوء نزاع ، بحيث تشتمل على كافة التفاصيل المتعلقة بالتحكيم من حيث مدة سريان تلك المشارطة والقانون الواجب التطبيق على النزاع موضوعيا وإجرائيا ، والمنازعات التى تطرح على هيئة التحكيم ولغة التحكيم ومكانه ، وغيرها من المسائل الاخرى .
وهكذا فان اتفاق التحكيم على هذا النحو يتم ” فرمه ” ، ان جاز التعبير وصهره فى مشارطة التحكيم ، بحيث لم يعد له وجودا مستقل عن تلك المشارطة ، وتضحى هى اتفاق التحكيم السارى طوال المدة المحددة فيه . وعلى ذلك ، وإعمالا لنظرية الاستهلاك الزمنى لاتفاق التحكيم ، وتأسيسا على مبدأ ان ما فات من الزمن لا يعود ، فان القول بمدى إلزام هذا الاتفاق لطرفيه فى اللجوء للتحكيم مرة أخرى بعد بطلان حكم التحكيم الصادر استنادا إليه ، او بمدى زوال هذا الإلزام واسترداد كل طرف حريته فى اللجوء الى القضاء ، ويستلزم التفرقة بين فرضين :
الفرض الاول : اذا كانت إجراءات التحكيم التى انتهت بصدور الحكم المقضى ببطلانه قد استهلكت كل مدة اتفاق التحكيم القانونية او الاتفاقية ، اى اذا صدر حكم التحكيم فى نهاية المدة ولم يعد يتبقى
منها زمنا ، فلا يجوز اللجوء الى التحكيم مرة ثانية استنادا لهذا الاتفاق ، لانه قد أنتهى ـ كأى عقد من عقود المدة ـ بانتهاء مدته .
فالتحكيم فى هذا الفرض قد فقد اساس اللجوء اليه ، وهو اتفاق التحكيم ، الذى انتهى نهاية طبيعية بانتهاء مدته ، ويصبح من حق الاطراف اللجوء الى القضاء . ( د/ مختار بريرى . التحكيم التجارى الدولى . الطبعة الثانية 1999 . دار النهضة العربية ) . ويمكن ان نطلق على هذا الفرض ” الاستهلاك الزمنى الكلى لاتفاق التحكيم ” .
الفرض الثانى : اذا صدر حكم التحكيم المقضى ببطلانه قبل انتهاء المدة المحددة لاتفاق التحكيم ، كأن تكون مدة التحكيم اثنا عشر شهراً مثلا ، وصدر حكم التحكيم بعد مرور ستة أشهر منذ بدء الاجراءات ، فان اتفاق التحكيم لم ينته بانتهاء مدته ، فهناك ستة أشهر لازالت متبقية من تلك المدة ، ولا يزال فيها هذا الاتفاق ساريا منتجا لاثاره ، الامر الذى يجوز معه اللجوء الى التحكيم مرة أخرى استنادا لذات الاتفاق المذكور ، ولكن يتعين صدور الحكم فى هذه المرة خلال تلك المدة المتبقية ، ما لم تقرر هيئة التحكيم مدها لمدة ستة أشهر أخرى إعمالا لحكم المادة 45 من قانون التحكيم .
ويمكن ان نطلق على هذا الفرض ” الاستهلاك الزمنى الجزئى لاتفاق التحكيم ” وتجدر الاشارة فى هذا الخصوص الى ان احتساب مدة الستة أشهر المتبقية فى الفرض المذكور يبدأ منذ بدء إجراءات التحكيم فى المرة الجديدة .
الفرع الثانى
عدم الربط بين صدور حكم التحكيم
او انهاء الاجراءات ومدة اتفاق التحكيم
قد يتبادر الى الذهن ان مدة اتفاق التحكيم تنتهى بصدور حكم التحكيم او انهاء الاجراءات حتى لو كانت هناك مدة متبقية منها بعد صدور هذا الحكم او إنهاء تلك الاجراءات ، كأن يصدر الحكم او تنتهى الاجراءات مثلا بعد ستة أشهر وكانت مدة الاتفاق اثنا عشر شهرا .
ولكن ـ وفى ضوء حكم المادتين 48/45 فقرة (2) من قانون التحكيم ـ لا يمكن الأخذ بهذا التصور ، وذلك على النحو التالى : ـ
أولا : عدم الربط بين صدور او عدم صدور حكم التحكيم ومدة اتفاق التحكيم :
تنص المادة /48 فقرة (1) من قانون التحكيم على ان :
” تنتهى إجراءات التحكيم بصدور حكم التحكيم ……… ” .
وتنص المادة /45 فقرة (2) من القانون المذكور على انه :
” اذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار اليه فى الفقرة السابقة جاز لاى من طرفى التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها فى المادة /9 من هذا القانون ، أن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافى او بإنهاء إجراءات التحكيم ، ويكون لاى من الطرفين عندئذ رفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ”
تناولت هاتان المادتان حالتين للعلاقة بين حكم التحكيم ومدة اتفاق التحكيم هما :
الحالة الاولى : حالة صدور حكم تحكيم :
لقد ربط المشرع فى المادة 48 فقرة (1) المذكورة من قانون التحكيم بين إنهاء اجراءات التحكيم وصدور حكم التحكيم ، حيث قضت بان إجراءات التحكيم تنتهى بصدور حكم التحكيم ، ولم تقض بانتهاء مدة اتفاق التحكيم بصدور حكم التحكيم . فهناك ارتباط حتمى وبقوة القانون بين صدور حكم التحكيم وانتهاء الاجراءات ، ولكن هذا الربط حتميا بين انتهاء مدة اتفاق التحكيم وصدور الحكم ، حيث ان الحكم قد يصدر فى نهاية تلك المدة ، فهنا تنتهى المدة نهاية طبيعية بادراك أجلها و لانتهى نتيجة لصدور الحكم ، وقد يصدر الحكم قبل نهاية هذه المدة ، فلا تنتهى وتظل قائمة رقم صدور الحكم ، ويجوز إجراء تحكيم جديد فى خلالها اذا أبطل هذا الحكم بسبب لا يتعلق بصحة او وجود اتفاق التحكيم .
الحالة الثانية : حالة عدم صدور حكم التحكيم :
وتلك الحالة تؤكد عدم الربط بين صدور حكم التحكيم وانتهاء مدة التحكيم ، حيث تقضى المادة 45 فقرة (2) قانون التحكيم ” ان اتفاق التحكيم ينتهى بانتهاء مدته ” حتى اذا لم يصدر حكم التحكيم خلال تلك المدة ، والدليل على ذلك ان المشرع قد أجاز لاى من الطرفين ان يطلب من رئيس محكمة المادة إصدار أحد أمرين هما :
الامر الاول : أن يحدد ميعاد إضافى لكى يمكن صدور الحكم فى خلاله ، وهذا ما يؤكد انتهاء اتفاق التحكيم بانتهاء مدته ، لان الامر لا يحتاج لتحديد مدة إضافية الا اذا كان اتفاق التحكيم قد إنتهى بانتهاء المدة الاصلية .
ولنا على هذا الحكم تحفظ ، حيث أنه مشوب بشبهة عدم الدستورية لانه ينطوى على نوع من التحكيم الاجبارى ، اذ ان إعطاء الحق لأحد طرفى التحكيم ، وغم انتهاء مدته ، بطلب مدة إضافية من رئيس محكمة المادة 9 ومنح السلطة لتلك الجهة بإضافة هذه المدة ، هو إجبار للطرف الاخر على التحكيم الذى أضحى فى حل منه نتيجة انتهاء مدته .
الامر الثانى : ان ينهى رئيس محكمة المادة /9 اجراءات التحكيم . وتقضى المادة /45 فقرة (2) المشار اليها بأنه يجوز لاى من الطرفين فى هذه الحالة رفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ، اى ترك التحكيم واللجوء الى القضاء .
ونحن نرى فى الحقيقة ان هذا الحكم يعد تزيدا من جانب المشرع ، اذ ان الامر فى هذا الفرض لم يكن فى حاجة لان يصدر رئيس محكمة المادة /9 امرا للسماح لطرفى التحكيم باللجوء الى القضاء ، فالطرفان يضحيان فى حل من اتفاق التحكيم الذى أنتهى بانتهاء مدته ، ويصبح لهما الحق وفقا للقواعد العامة ، فى ولوج طريق القضاء دون حاجة الى نص صريح او أمر من رئيس محكمة المادة /9 .
ثانيا : عدم الربط بين انتهاء الاجراءات وانتهاء مدة اتفاق التحكيم :
حددت المادة /48 فقرة (1) من قانون التحكيم عدة حالات تنتهى فيها اجراءات التحكيم وتتمثل فى :
- صدور حكم منهى للخصومة .
- صدور أمر من رئيس محكمة المادة /9 .
- صدور قرار من هيئة التحكيم اذا اتفق الطرفان على انهاء التحكيم ، او ترك المدعى حقوق خصومة التحكيم .
اذا رأت هيئة التحكيم لاى سبب اخر عدم جدوى استمرار اجراءات التحكيم او استحالته . والنتيجة التى رتبها المشرع فى المادة /48 فقرة (2) المذكورة على إنهاء إجراءات التحكيم هى : إنتهاء مهمة هيئة التحكيم . فقد ربط المشرع بين انهاء الاجراءات وانتهاء مهمة هيئة التحكيم فقط ولم يرتب على هذا الإنهاء انتهاء مدة التحكيم . بل انه لا يتصور انهاء الاجراءات الا اذا كانت مدة اتفاق التحكيم لازالت سارية ولم تنقض ، لان انقضاء تلك المدة يؤدى الى زوال طريق التحكيم برمته ، بما فى ذلك كل الاجراءات التى تمت فيه .
- يجب التعرض لإنهاء الاجراءات بسبب استحالة التحكيم او عدم جدواه (د/ عكاشة عبد العال ).
الفرع الثالث
اثر الاستهلاك الزمنى لاتفاق التحكيم
لا يجوز اللجوء الى التحكيم استنادا لذا الاتفاق المستهلك زمنيا ( أولا ) وقد تعرضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتلك المسألة فى حكمها الصادر فى الدعوى 1178 لسنة 2002 تجارى كلى جنوب بتاريخ 2810/2003 ، الامر الذى يقتضى التعليق عليه (ثانيا) .
اولا : عدم جواز اللجوء الى التحكيم باتفاق تحكيم مستهلك زمنيا :
اذا انقضت مدة اتفاق التحكيم الذى صدر استنادا عليه حكم التحكيم المقضى ببطلانه ، وكان البطلان راجعا لسبب اخر غير اتفاق التحكيم ، فانه لا يجوز اللجوء الى التحكيم مرة ثانية ارتكازا على ذات اتفاق التحكيم المنهى بانتهاء مدته ، لان القول بغير ذلك سيؤدى الى نتيجة لا يمكن التسليم بها قانونا . فمن المتصور ، وهذا ليس فرضا نظريا ، ان يقضى ببطلان حكم التحكيم ، وتعود للتحكيم مرة ثانية بذات اتفاقه ، ويصدر حكم جديد ويطعن عليه بالبطلان ويقضى ببطلانه مرة أخرى ، فنعود مرة ثالثة للتحكيم بذات الاتفاق ويطعن على الحكم للمرة الثالثة وتعود للتحكيم من جديد … وهكذا ندخل فى حلقة مفرغة لن تنتهى ، وسيصيح اتفاق التحكيم مؤيدا ، وهذا امر يخالف النظام العام ، فلا وجود قانونا للعقود المؤبدة .
وقد عبرت عن هذا المعنى ـ بدقة ووضوح ـ محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى حكمها الصادر فى 28/10/2003 فى الدعوى رقم 1178 لسنة 2002 تجارى كلى جنوب ، حين قضت بأنه ” القول باللجوء الى التحكيم مرة اخرى رغم انتهاء مدة اتفاق التحكيم لا يعدو ان يكون إفساح الطريق للعبث بمصالح ومقدرات الخصوم فى ظل تصور تكرار اللجوء الى التحكيم الى ما لا نهاية ، وهو يعد افتئات على حق الشركة المدعية فى العودة الى قاضيها الطبيعى ….. “
وهذا الحكم سيكون محلا للتعليق فى النقطة التالية :
ثانيا : التعليق على حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر بتاريخ 28/10/2003 :
أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكما فى الدعوى رقم 1178 لسنة 2002 تجارى كلى جنوب (الدائرة 14 تجارى ) بتاريخ 28/10/2003 ، وكان موضوعه مدى الحق فى اللجوء الى التحكيم مرة أخرى بذات الاتفاق فى حالة الحكم ببطلان حكم التحكيم . ولأهمية هذا الحكم ـ الذى يعد على حد علمنا ـ هو الاول من نوعه فى القضاء المصرى فى هذا الموضوع الخالى من المعالجة التشريعية فى قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، فاننا سنتناوله بالتعليق المفصل (2) بعد سرد وقائعه (1).
- وقائع الدعوى :
- بموجب عقد بيع مؤرخ 12/3/2000 باعت الشركة (أ) للشركة (ب) باخرتين سياحيتين تستعملان كفنادق عائمة نظير مبلغ وقدره 14 مليون جنيه بواقع 7 مليون لكل منهما ، واتفق على سداد هذا المبلغ وفقا لشروط عقد البيع المذكور .
- اتفق فى البند الثامن من عقد البيع المشار اليه على ان أية منازعات تنشأ بين الطرفين حول تفسير او تنفيذ اى بند من بنود هذا العقد سواء كانت ناشئة عن مسئولية عقدية او غير عقدية تحال الى هيئة تحكيم مكونة من ثلاثة أفراد من رؤساء الهيئات القضائية الحاليين او السابقين ويكون حكمها ملزما للطرفين .
- بتاريخ 8/4/2001 وجهت الشركة (أ) (البائعة ـ المحتكمة) للشركة (ب) (المشترية ـ المحتكم ضدها) إنذار يتضمن اللجوء الى التحكيم وفقا للبند الثامن من عقد البيع المبرم بينهما وعينت رؤساء الهيئات القضائية محكما عنها ، وعينت الشركة المحتكم ضدها احد أساتذة القانون محكما عنها ، وأختار المحكمان أحد الهيئات القضائية محكما مرجحا .
- طلبت الشركة المحتكمة الحكم بالزام الشركة المحتكم ضدها بتسليم الباخرتين المباعتين اليها مشتملاتهما وكافة الاستحقاقات المالية والتضمينات من اى نوع كانت عما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة .
- وبتاريخ 27/12/2001 أصدرت هيئة التحكيم حكمها بالاتى : ـ
أولا : برفض كل دفوع الشركة المحتكم ضدها والدعوى الفرعية.
ثانيا : اعتبار عقد البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية المؤرخ 12/3/2000 مفسوخا تطبيقا للشروط الفاسخ الصريح والزام الشركة المحتكم ضدها برد وتسليم الباخرتين السياحيتين الى الشركة المحتكمة فى حالة صالحة للتشغيل الملاحى والسياحى مع تراخيصهما الصادرة من السلطات المختصة مثلما تسلمتهما ، وإلزامها بمقابل انتفاع الباخرتين قدره 2.5 مليون جنيه سنويا من يوم 12/3/2000 وحتى الرد والتسليم ، ويستنزل مبلغ الانتفاع من المبالغ المسددة من قيمة البيع ، والزام الشركة المحتكمة برد باقى المبلغ الى الشركة المحتكم ضدها ، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات .
- قامت الشركة المدعية (المحتكم ضدها) باقامة الدعوى رقم 18/119ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان هيئة التحكيم الصادر بتاريخ 27/12/2001 .
- بجلسة 30/4/22 وأصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان حكم التحكيم .
- بتاريخ 5/6/2002 وجهت الشركة المحتكمة (البائعة) الى الشركة المحتكم ضدها (المشترية) إنذار على يد محضر متضمن اللجوء الى التحكيم مرة اخرى استنادا لذات اتفاق التحكيم الوارد بالبند الثامن من عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 ، وعينت احد أساتذة القانون محكما عنها ، وطلبت ذات الطلبات التى طلبتها فى التحكيم الاول الذى قضى ببطلان الحكم الصادر فيه . وانتهت فى إنذارها الى تكليف الشركة المحتكم ضدها بتعيين محكما عنها .
- أقامت الشركة المشترية (المحتكم ضدها) فى التحكيم الذى قضى ببطلان الحكم الصادر فيه ، الدعوى رقم 1178 لسنة 20 تجارى كلى جنوب القاهرة ، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/7/2002 ، وأعلنت للشركة البائعة (المحتكمة) فى التحكيم الذى قضى ببطلان الحكم الصادر فيه .
- طلبت الشركة المدعية فى ختام صحيفة دعواها المذكورة الحكم : ـ
- أصليا : بانتهاء اجراءات التحكيم التى تضمنها إنذار الشركة المدعى عليها للشركة المدعية بتاريخ 5/6/2002 ، وذلك لصدور حكم هيئة التحكيم بتاريخ 27122001 المنهى للخصومة كلها عملا بحكم المادة 48 فقرة (1) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994.
- واحتياطيا : بانتهاء اجراءات التحكيم التى تضمنها انذار الشركة المدعية عليها للشركة المدعية بتاريخ 5/6/2002 ، وذلك لانتهاء مدة شرط التحكيم بمرور سنة على بدء التحكيم الحاصل فى تاريخ 8/4/2001 .
- ودفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لوجود التحكيم :
وتداولت الدعوى بالجلسات ، وبجلسة 28/10/2003 أصدرت المحكمة حكما قضت فيه بالاتى :
حكمت المحكمة فى مادة تجارية :
أولا : برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم .
ثانيا : برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى .
ثالثا : وفى الموضوع : بانتهاء اجراءات التحكيم فيما بين المدعى والمدعى عليه بصفتها محل أعمال البند الثامن من عقد البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية المؤرخ 12/3/2000 ، وألزمت المدعى عليه بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة ، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . وقد تم الطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 3706 لسنة 120ق ، وبجلسة 21/4/2004 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف شكلا لرفعه بعد الميعاد . فأصبح بذلك الحكم محل التعليق الماثل نهائيا ، وسنورد نصه كاملا فى ملحق هذا البحث .
- المبادىء القانونية التى يثيرها الحكم والتعليق عليها :
تثير الدعوى الماثلة والحكم الصادر فيها عدة مبادىء قانونية سنعرض لها ونعلق عليها تباعا : ـ
- أ- المحكمة المختصة بنظر دعوى انتهاء اجراءات التحكيم فى حالة صدور حكم منهى لخصومة التحكيم او فى حالة انتهاء مدة شرط التحكيم :
كان موضوع الدعوى التى صدر فيها الحكم محل التعليق الماثل يتعلق بانتهاء إجراءات التحكيم ، الامر الذى يثور معه التساؤل عن المحكمة المختصة بنظر تلط الدعوى ، لان هناك العيد من الحالات التى تنتهى فيها تلك الاجراءات ، وأوضح المشرع فى قانون التحكيم المحكمة المختصة بنظر بعضها وأغفل تحديد المحكمة المختصة بنظر البعض الاخر .
وتتمثل حالات انهاء اجراءات التحكيم والمحكمة المختصة بنظرها فيما يأتى : ـ
- إنهاء الاجراءات اذا مرت مدة اتفاق التحكيم دون صدور حكم ، ويختص باصدار الامر بإنهاء
الاجراءات فى هذه الحالة رئي محكمة المادة /9 بناء على طلب احد الطرفين ، وذلك تطبيقا لحكم
المادة 45 فقرة (2) من قانون التحكيم . - وتختص هيئة التحكيم وفقا لحكم المادة 48 فقرة (1) ، باصدار امر بإنهاء الاجراءات فى الحالات
الاتية : ـ
- اذا اتفق الطرفان على انهاء التحكيم .
- اذا ترك المدعى خصومة التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم بناء على طلب المدعى عليه ، ان له مصلحة جدية فى استمرار الاجراءات حتى يحسم النزاع .
- اذا رأت هيئة التحكيم لاى سبب اخر عدم جدوى استمرار اجراءات التحكيم او استحالته .
- انتهاء إجراءات التحكيم بصدور الحكم المنهى كلها او بمرور المدة المحددة لاتفاق التحكيم . ولقد ورد النص على الشق الاول من هذه الحالة فى المادة 48 فقرة (1) من قانون التحكيم ، أما الشق الثانى فتحكمه القواعد العامة فى العقود عموما فى القانون المدنى كما سبق وأوضحنا.
واذا كان المشرع فى المادة 45 (1) من قانون التحكيم قد عقد الاختصاص لرئيس محكمة المادة /9 ـ كما ذكرنا ـ باصدار أمره بانهاء الاجراءات اذا لم يصدر حكم منهى للخصومة خلال مدة اتفاق التحكيم ، فان حالة انهاء الاجراءات بسبب صدور حكم منهى للخصومة كلها لا يدخل بطبيعة الحال ضمن حكم المادة 45 المذكور ، ومن ثم لا يختص بانهاء الاجراءات فيها رئيس محكمة المادة /9 .
وحيث ان محكمة المادة /9 ، سواء رئيسها او المحكمة مجتمعة ، لا يختص بنظر الا بمسائل التحكيم التى يحيلها اليها قانون التحكيم ، وحيث ان هذا القانون لم يحل الاختصاص بنظر دعوى انهاء الاجراءات فى لحالة صدور حكم منهى للخصومة او فى حالة انتهاء مدة اتفاق التحكيم فى الفرض الذى يقضى فيه ببطلان الحكم الصادر والمنهى للخصومة ، فانه يتعين الرجوع الى القواعد العامة فى الاختصاص المنصوص عليها فى قانون المرافعات ، لما كان ذلك ، وكان الحكم محل هذا التعليق قد قضى باختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بنظر دعوى انهاء اجراءات التحكيم لصدور حكم منهى للخصومة ولمرور مدة اتفاق التحكيم ، وفقا لحكم القواعد العامة فى الاختصاص فى قانون المرافعات وليس باعتبار ان تلك المحكمة هى محكمة المادة /9 من قانون التحكيم ، فانه يكون قد صادف صحصح القانون .
ب- تاريخ انتهاء مدة اتفاق التحكيم :
قضى الحكم محل التعليق الماثل بأنه :
” لما كان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف ببطلان حكم التحكيم هو حكم حائز للحجية فيما فصل فيه وكذا لقوة الشىء المقضى به بحسبان ان دعوى البطلان ليست طريقا عاديا للطعن ، ولما كان هذا وكانت هيئة التحكيم قد استنفذت ولايتها بإصدارها حكمها النهائى المقضى ببطلانه ، و ان الثابت من استقراء المحكمة للبند الثامن من عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 وكذا كافة بنوده الاخرى ، أنه قد جاء خاليا من الاتفاق على تحديد ميعاد محدد لانتهاء اجراءات التحكيم وامتداد ميعاده مما يفاده إعمال الميعاد المقرر قانونا بنص المادة /45 فقرة (1) من قانون التحكيم . ومن ثم فانه ترتيبا على ما تقدم ولما كانت الاجراءات قد بدأت منذ تاريخ 8/4/2001 بإنذار المدعى عليها للشركة المدعية باللجوء للتحكيم ، وكان حكم التحكيم قد صدر بتاريخ 27/12/2001 وقضى ببطلانه بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 30/4/2002 ، الامر الذى يبين معه للمحكمة استنفاد الميعاد المحدد قانونا وهو اثنى عشر شهرا المستوجب انهاء اجراءات التحكيم ، سيما وانه لم يقطع تقادمه ثمة اجراء ” من الواضح ان الحكم المذكور قد أدخل المدة التى استغرقتها دعوى البطلان ضمن مدة الاثنى عشر شهرا المحددة قانونا لاتفاق التحكيم ، حيث قضى بان اجراءات التحكيم قد بدأت فى 8/4/2001 ، وصدر حكم بطلان حكم التحكيم بتاريخ 30/4/2002 ، مما يبين منه استنفاد الميعاد المحدد قانونا وهو اثنا عشر شهرا المستوجب لانهاء اجراءات التحكيم .
والحقيقة ان مدة اتفاق التحكيم تنتهى بانتهاء الميعاد الذى اتفق عليه الطرفان او الميعاد القانونى وهو اثنا عشر شهرا منذ بدء الاجراءات فى حالة عدم الاتفاق ، اذا لم يطرأ على تلك المدة ثمة إجراءات واقف او قاطع للتقادم ، فلو ان مدة اتفاق التحكيم اثنا عشر شهرا ، وبدأت اجراءات التحكيم فى 1/1/2004 ، فان تلك المدة فى 1/1/2005 ، وذلك بصرف النظر عن المدة التى استغرقتها دعوى بطلان حكم التحكيم ، ودون الارتباط بالميعاد الذى صدر فيه حكم التحكيم .
فلو ان اجراءات التحكيم قد بدأت فى 1/1/2004 ، وصدر حكم التحكيم فى 1/7/2004 وطعن عليه بالبطلان وصدر حكم البطلان فى 5/1/2005 ، فتحتسب مدة اتفاق التحكيم من 1/1/2004 وحتى 1/7/2004 وهو تاريخ صدور حكم التحكيم ، وبذلك يكون قد استهلك من مدة الاثنى عشر شهرا المحددة قانونا لاتفاق التحكيم سبعة اشهر فقط ويتبقى خمسة أشهر يجوز فى خلالها اللجوء الى التحكيم من جديد بذات الاتفاق فى حالة الحكم ببطلان حكم التحكيم الاول ، طالما ان هذا البطلان لم يمس اتفاق التحكيم كما بينا سلفا . وعلى ذلك فان الفترة من 1/7/2004 وحتى 5/1/2005 فى المثال السابق ، وهى المدة التى استغرقتها دعوى بطلان حكم التحكيم ، ولا تدخل فى حساب مدة الاثنى عشر شهرا .
فيجب احتساب ما استهلك من مدة اتفاق التحكيم فى ضوء تاريخ صدور حكم التحكيم المنهى للخصومة كلها او تاريخ انهاء الاجراءات لاى سبب اخر من الاسباب الموضحة بالمادة /48 من قانون التحكيم ، وذلك إعمالا لاحكام المادتين / 45، 48 من قانون المذكور ، اللتان لم يوردا تاريخ صدور حكم ببطلان التحكيم ضمن حالات انتهاء الاجراءات التى تحتسب من تاريخ تحقق إحداها ما تم استهلاكه من مدة اتفاق التحكيم ، بحيث تتوقف تلك المدة فى تاريخ تحقق احدى تلك الحالات .
الا ان الحكم محل التعليق الماثل قد ادخل المدة التى استغرقتها دعوى البطلان ضمن مدة اتفاق التحكيم ،حيث قضى بان مدة التحكيم هى اثنا عشر شهرا ، وقد استنفذت قانونا لان اجراءات التحكيم قد بدأت فى 8/4/2001 ، وصدر الحكم ببطلان التحكيم من محكمة الاستئناف بتاريخ 30/4/2002 ، والحكم محل التعليق ـ على هذا النحو ـ قد خالف أحكام المادتين 45/48 من قانون التحكيم ، اللتان تقضيان بان مدة اتفاق التحكيم تنتهى بحلول التاريخ المحدد له دون ان تدخل المدة التى تستغرقها دعوى بطلان حكم التحكيم فى حسابها .
ولو ان الحكم المذكور قد طبق صحيح القانون فى هذا الخصوص لقضى بحق الشركة المدعية فى اللجوء الى التحكيم مرة أخرى بذات الاتفاق ولما قضى بانهاء الاجراءات وبأن القضاء هو المختص بنظر النزاع ، فالأمر يتعلق فى الدعوى محل هذا الحكم باستهلاك جزئى لمدة اتفاق التحكيم ، حيث ان الاجراءات قد بدأت فى 8/4/2001 ، وصدر حكم التحكيم فى 27/12/2001 ، اى قضى من مدة الاتفاق ثمانية أشهر وتسعة عشر يوما ، ويتبقى منها ثلاثة أشهر وإحدى عشر يوما ، الامر الذى يجوز معه اللجوء معه الى التحكيم مرة أخرى بذات الاتفاق على ان يصدر حكم التحكيم الجديد خلال تلك المدة المتبقية من مدة اتفاق التحكيم .
فعداد مدة اتفاق التحكيم فى الفرض الماثل يتوقف عند تاريخ صدور حكم التحكيم وليس بصدور الحكم ببطلان حكم التحكيم من محكمة الاستئناف
- ج- أثر الحكم المنهى للخصومة على اللجوء الى التحكيم مرة أخرى :
لبيان اثر الحكم المنهى للخصومة كلها على الحق فى اللجوء الى التحكيم مرة أخرى ، يتعين التفرقة بين فرضين :
الفرض الاول : اذا صدر حكم التحكيم ولم يتم الطعن عليه بالبطلان او طعن عليه ورفض الطعن ، فانه يظل متمتعا بالحجية التى اكتسبها من يوم صدوره ، ومن ثم لا يجوز طرح ذات النزاع مرة أخرى لا على القضاء ولا على التحكيم إعمالا لحكم المادة /101 من قانون الإثبات والمتعلقة بحجية الشىء المقضى وسبق الفص فى النزاع .
وعدم جواز اللجوء الى التحكيم مرة أخرى فى هذا الفرض يسرى سواء صدر الحكم الذى لم يطعن عليه بالبطلان مستهلكا مدة اتفاق التحكيم كليا ا جزئيا ، فعلى الرغم من انه فى حالة الاستهلاك الجزئى لتلك المدة فانه لا يجوز للتحكيم مرة أخرى بذات الاتفاق بسبب سبق الفصل وحيازة الحكم للحجية .
الفرض الثانى : اذا صدر حكم التحكيم وطعن عليه بالبطلان وقضى ببطلانه ، فانه يجز اللجوء للتحكيم مرة أخرى ـ كما أوضحنا سلفا ـ اذا كانت مدة اتفاق التحكيم قد تم استهلاكها جزئيا ، ويتم التحكيم الجديد وينتهى خلال المدة المتبقية من الاتفاق المذكور .
خلاصة
رأينا ان المدة ركن فى اتفاق التحكيم . ولذا فهو عقد من عقود المدة بحكم القانون ، فحدد له المشرع اثنى عشر شهرا اذ لم يتفق على مدة أخرى ، الامر الذى يطبق معه مبدأ ” ما فات من الزمن لا يعود فى عقود المدة ” ، وهذا المبدأ هو الاساسى الذى نستند عليه فى تأسيس مسألة ” الاستهلاك الزمنى لاتفاق التحكيم “واذا كانت مدة اتفاق التحكيم هى ركن من اركانه ، الا انها لا تبدأ فى السريان الا بعد نشوب النزاع وتوجيه الانذار باللجوء الى التحكيم ، فذلك هو تاريخ بدء إجراءات التحكيم الذى تحتسب منه مدة اتفاق التحكيم .
وقد ذهب رأى فى الفقه فى هذا الخصوص الى القول بان : ” شرط التحكيم الصحيح يظل قائما ومنتجا لاثاره ، طالما ظل العقد الاصلى قائما ،” الا اذا اتفق على تحديد مدة معينة يلزم خلالها تقديم طلب التحكيم بعد نشأة النزاع والا سقط الشرط ، اذ بمضى هذه المدة يسقط الشرط ، ويصيح الباب مفتوحا للالتجاء للقضاء “. (د/ مختار بريرى . سابق الاشارة . ص 235 ) .
والحقيقة ان المدة التى يتحدث عنها هذا الرأى ليست هى مدة اتفاق التحكيم التى تحدثت عنها المواد /45 ، 48، 53 بند (1) فقرة (أ) من قانون التحكيم ، فمدة اتفاق التحكيم وفقا لهذه المواد هى اثنا عشر شهرا او المدة المتفق عليها ، وتبدأ بعد نشأة النزاع وتوجيه إنذار باللجوء الى التحكيم من أحد الطرفين الى الطرف الاخر . أما المدة التى يتحدث عنها الرأى المشار اليه فهى مدة اتفق الاطراف على اللجوء الى التحكيم فى خلالها بعد نشأة النزاع ، وليس مدة اتفاق تحكيم ، فمدة الاتفاق ـ كما ذكرنا ـ تخصص لصدور حكم تحكيم يصار الى تنفيذه ولا تبدأ الا بعد توجيه الإنذار المذكور ، أما المدة التى يتحدث عنها الرأى المذكور هى مدة تسبق مدة اتفاق التحكيم ، ويسقط بمرورها الحق فى اللجوء الى التحكيم ، ولكن سقوط الحق فى اللجوء هنا لا يرجع الى انقضاء مدة انقضاء مدة اتفاق التحكيم التى قد تكون قانونية او اتفاقية ، ولكن الى انقضاء مدة اللجوء الى التحكيم التى لا تكون الا اتفاقية .
ويضيف الرأى السابق ، فى ذات السياق ، قائلا : ” أما اذا تعلق الامر بمشارطة تحكيم ، فالفرض أننا أمام نزاع ثار فعلا تحدد موضوعه فى هذه المشارطة التى قد تقترن بمدة معينة لصلاحيتها ، فاذا انفضت سقط الحق فى التمسك بوجودها ، ولا يمكن التمسك بهذه المشارطة بعد انقضاء مدتها لمنع القضاء من نظر النزاع ” .
ولنا على هذا الرأى ملاحظة مبدئية وهى انه استعمل لفظ ” قد” تقترن المشارطة بمدة معنية ، الامر قد يوحى بأنه من الممكن الا تحدد مدة للمشارطة . وهذا النظر يخالف صريح حكم المادة /45 من قانون التحكيم التى وضعت اثنى عشر شهرا ، مدة لاتفاق التحكيم ، اذا لم يتفق على مدة أخرى ، و هذا يعنى ان مشارطة التحكيم مقترنة فى جميع الاحوال بمدة ، سواء كانت مدة قانونية او اتفاقية .
والحقيقة ان الرأى المذكور قد فرق فى مدة اتفاق التحكيم بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم، فى حين انه لا مجال لتلك التفرقة لسببين: السبب الاول: ان دخول المدة حيز التنفيذ وبدء سريانها لا يكون الا بعد ترجمة شرط التحكيم فى شكل مشارطة تحكيم، وتصبح المدة واحد بالنسبة لهما لانهما أصبحا شيئا واحدا بعد انصهار الشرط فى المشارطة وذوبانه فيها. والسبب الثانى: ان المشرع كان صريحا عندما تحدث عن مدة اتفاق التحكيم وجزاء سقوطه بمضى تلك المدة، حيث نصت المادة /53 فقرة (أ) بند (1) على أنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم الا اذا سقط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته “.
فالمشرع قد استعمل تعبير “اتفاق التحكيم ” بصيغة العمومية لشمل شرط التحكيم ومشارطته. وهذا أمر طبيعى فى ضوء انصهار شرط التحكيم فى المشارطة بحيث يصبحان كيانا واحدا يطلق عليه اتفاق التحكيم.
المبحث الثانى
الاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم
***************
يستقل الاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم عن استهلاكه الزمنى ولا يرتبط معه ولا يتأثر به ، فلكل منهما مجاله المختلف عن الاخر .
فالاستهلاك الزمنى ، كما رأينا ، يتعلق بمدة اتفاق التحكيم وما انقضى منها حتى صدور حكم التحكيم او انهاء الاجراءات لاى سبب من الاسباب المقررة قانونا ، فلا يرتبط هذا النوع من الاستهلاك بموضوع النزاع المطروح على هيئة التحكيم بموجب اتفاق التحكيم او مشارطته لكى تفصل فيه .
ويترتب على استقلال الاستهلاك لاتفاق التحكيم عن استهلاكه الموضوعى ، ان هذا الاتفاق قد يستهلك موضوعيا والعكس صحيح .
ويتعين بيان المقصود بالاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم ( الفرع الاول ) لتحديد الفرق بينه وبين اغفال هيئة التحكيم الفصل فى بعض الطلبات المطروحة عليها ( الفرع الثانى) ولإظهار الاستقلال بينه وبين الاستهلاك الزمنى ( الفرع الثالث ) .
الفرع الاول
مفهوم الاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم
***************
يتعلق الاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم بما تم عرضه من منازعات ناشئة عن العقد المتضمن لهذا الاتفاق او المرتبط به على التحكيم . فاتفاق التحكيم ، ومن بعده مشارطة التحكيم ، يحددان المسائل التى تطرح على هيئة التحكيم للفصل فيها ، حيث ان اتفاق التحكيم ، الذى يأتى غالبا كبند من بنود عقد ما ويكون عادة اتفاقا مجملا ، قد ينص مثلا على ان المنازعات المتعلقة بتفسير العقد او تنفيذه يتم الفصل فيها عن طريق التحكيم ، ويتفق الطرفان على طرح المنازعات المتعلقة بتفسير العقد فقط على التحكيم ، ففى هذه الحالة لا يترتب على صدور حكم تحكيم فى التفسير انتهاء مفعول اتفاق التحكيم ، حيث ان الاتفاق هنا قد تم استهلاكه جزئيا ، فبطل مفعولة فيما يتعلق بمنازعات التفسير ولكنه لا يزال قائما ومنتجا لاثاره بخصوص منازعات التنفيذ ، فلو أثيرت تلك المنازعات فيما بعد فيجوز اللجوء الى التحكيم مرة أخرى بذات الاتفاق وبمدة جديدة لحسمها ، فالاتفاق فى هذا الفرض لم يستهلك الا بالنسبة لمنازعات التفسير فقط ، ولم يستهلك بالنسبة لمنازعات التنفيذ .( د/ مصطفى الجمال ، د/ عكاشة عبد العال . التحكيم فى العلاقات الخاصة الدولية والداخلية . طبعة 1998 ، ص 561 وما بعدها ).
وقد يحدث ـ وهذا ما يتم غالبا ـ ان تتم ترجمة اتفاق التحكيم فى شكل مشارطة تفصيلية ، ينصهر فيها الاتفاق ويذوب ولن يعد له وجود مستقل عنها ، الا ان هذا الذوبان والانصهار لاتفاق التحكيم فى المشارطة لا يكون الا فى حدود ما تم الاتفاق عليه من موضوعات فى المشارطة لطرحه على هيئة التحكيم ، وفى هذه الحالة يكون الاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم جزئيا ، بحيث يبقى الاتفاق قائما ومنتجا لاثاره فيما يتعلق بما يستجد من منازعات من العقد الاصلى الذى تضمن اتفاق التحكيم ولم يسبق طرحها على التحكيم ، ويجوز للأطراف اللجوء الى التحكيم مرة ثانية بذات الاتفاق وبشأن الموضوعات المستجدة (د.عكاشة عبد العال . المرجع السابق . ص 511 وما بعدها ) .
وهذا الوضع ما هو الا تطبيق مجرد لحجية الاحكام المنصوص عليها فى المادة /101 من قانون الإثبات . فلا يجوز فى الفرض السابق ذكره التمسك بحجية حكم التحكيم وقاعدة سبق الفصل لحظر اللجوء الى التحكيم من جديد ، وذلك لعدم توافر شرط تطبيق مبدأ الحجية ، اذ ان التحكيم الاول والثانى متحدان فى الخصوم والسبب ولكنهما مختلفان فى المحل ، فى حين ان شرط الحجية هو اتحاد الدعويين فى الثلاثة عناصر : الخصوم و السبب ، والمحل .
الفرع الثانى
الفرق بين الاستهلاك الموضوعى الجزئى لاتفاق التحكيم
وإغفال الفصل فى بعض الطلبات
**************
قد يطرح على هيئة التحكيم مجموعة من الطلبات ، فتفصل فى بعضها وتغفل الفصل فى البعض الاخر . وفى هذه الحالة رسم المشرع فى قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 طريقا محددا لاستكمال هذا الاغفال ، حيث تقضى المادة /51 من هذا القانون بانه لكل من طرفى التحكيم ، ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم ، ان يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار تحكيم إضافى فى طلبات قدمت خلال الاجراءات وأغفلها حكم التحكيم .
فالفرض هنا ان النزاع قد طرح فعلا على هيئة التحكيم بموجب اتفاق التحكيم او مشارطته ، ولكن هيئة التحكيم أغفلت الفصل فيه ، وذلك على عكس مسألة الاستهلاك الموضوعى الجزئى لاتفاق التحكيم ، حيث لا يتم عرض مسألة ما أصلا على التحكيم للفصل فيها .
وعلى ذلك فان مسألة إغفال الفصل فى بعض الطلبات التى عرضت بالفعل على هيئة التحكيم يتم مواجهتها وفقا لحكم المادة /51 سالفة الذكر من قانون التحكيم بتقديم طلب لذات الهيئة التى أصدرت الحكم وأغفلت فيه بعض الطلبات لاستكمال هذا الاغفال وإصدار حكم تحكيم إضافى فى تلك الطلبات المغفلة ، أى ان معالجة مسألة الاغفال يتم من خلال الطريق الذى رسمه المشرع لذلك فى المادة /51 المذكورة ، وليس وفقا لاحكام الاستهلاك الموضوعى الجزئى لاتفاق التحكيم .فإعمالا لتلك يتم اللجوء الى تحكيم جديد بذات الاتفاق وبمدة جديدة يتفق عليها وفى حالة عدم الاتفاق تطبق المدة القانونية وهى اثنى عشر شهرا ، كما ان الطرفين غير مقيدين بمدة معينة يلجأن فى خلالها لهذا التحكيم الجديد ، على عكس الاغفال الذى يتعين عرضه على هيئة التحكيم خلال مدة ثلاثين يوما من تاريخ تسلم حكم التحكيم .
كما ان هناك فارق اخر بين الاغفال والاستهلاك الموضوعى الجزئى لاتفاق التحكيم يتمثل فى أنه فى حالة الاغفال بتعين عرض طلب الاغفال على ذات هيئة التحكيم التى أصدرت الحكم ، اما فى حالة الاستهلاك الموضوعى ، فانه يجوز عرض المسألة التى لم يستهلكها اتفاق التحكيم على اى هيئة تحكيم يتفق عليها الاطراف ، اذ أنهم ليسوا ملزمين بطرح تلك المسألة على ذات الهيئة التى فصلت فى المسألة التى طرحت عليها .
الفرع الثالث
العلاقة بين الاستهلاك الموضوعى والاستهلاك الزمنى
********************
ذكرنا سلفا ان هذين النوعين من استهلاك اتفاق التحكيم مستقلان عن بعضهما ولكل منهما مجاله المختلف عن الاخر . ففى الاستهلاك الزمنى ترتبط مسألة الرجوع الى التحكيم مرة أخرى من عدمه استنادا لذات اتفاق التحكيم بمدة هذا الاتفاق ، وما استهلك منها من زمن ، بحيث لو استهلكت المدة كلية فلا عودة للتحكيم مرة أخرى وينعقد الاختصاص للقضاء لسقوط الاتفاق بمضى مدته ، أما لو استهلكت المدة جزئيا يجوز اللجوء للتحكيم فى حدود المدة المتبقية التى لم تستهلك . ولكننا نورد فى هذه الحالة تحفظا عمليا ، اذا يجب ان تكون تلك المدة المتبقية كافية نسبيا لإتمام الإخطارات بالتحكيم وتشكيل الهيئة ، حتى تتمكن الهيئة ، فى حالة ما اذا ارتأت ان المدة المتبقية ليست كافية لاصدار حكمها ، أن تستعمل حقها المقرر فى المادة /45 من قانون التحكيم بعد تلك المدة ستة أشهر أخرى .
أما بالنسبة للاستهلاك الموضوعى لاتفاق التحكيم فلا اثر لاستهلاك مدة التحكيم السابق كليا او جزئيا على طرح النزاع على تحكيم أخر ، اذ ان فرض الاستهلاك الموضوعى الجزئى ان هناك مسألة لم تعرض أصلا على التحكيم ، ويتم التعامل معها على انها منازعة جديدة يتم طرحها على التحكيم بمدة جديدة ، سواء كانت مدة قانونية او اتفاقية ، ولا شأن لمدة التحكيم السابق بتلك المدة الجديدة ، فنحن فى حالة الاستهلاك الموضوعى الجزئى لاتفاق التحكيم أمام مسألة لم يسبق عرضها أصلا على التحكيم ولم يسبق ان ارتبطت بمدة معينة .
ملحق الكتاب
حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، فى الدعوى رقم 1178 لسنة 2002 الدائرة (14 تجارى ) ، الصادر بجلسة 28/10/2003 .
- المرفوعة من / …………………………
ضــــــــد
- السيد / ……………………………….
المحكمــــة
بعد مطالعة الاوراق وسماع الرافعة والمداولة قانونا ،،،
حيث ان وقائع الدعوى تتحصل فى ان المدعى بصفته عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/7/2002 وأعلنت للمدعى عليه بصفته قانونا طلب فى ختامها الحكم :
أصليا : بانتهاء إجراءات التحكيم التى تضمنتها إنذار المدعى عليه للشركة المدعية بتاريخ 5/6/2002 وذلك لصدور حكم هيئة التحكيم بتاريخ 27/12/2002 وذلك لصدور حكم هيئة التحكيم بتاريخ 27/12/2001 المنهى للخصومة كلها عملا بحكم المادة 48/1 ، احتياطيا : بانتهاء إجراءات التحكيم التى تضمنتها إنذار المدعى عليه للشركة المدعية بتاريخ 5/6/2002 ، و ذلك لانتهاء مدة شرط التحكيم بمرور سنة على بدء إجراءات التحكيم الحاصل بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة .
وقال شارحا لدعواه أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 12/3/2000 مبرم بين …….. بصفته العضو المنتدب لـ …….. والـ …… بصفته رئيس مجلس إدارة ….. ، باعت المدعى عليها للمدعية باخرتين سياحيتين تستعملان كفنادق عائمة الاولى تعرف باسم ……. والثانية باسم …….. ، وذلك نظير مبلغ وقدره أربعة مليون جنيه بواقع سبعة مليون جنيه لكل منهما ، اتفق على سدادها وفقا لشروط العقد ، وقد نص البند الثامن من عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 على ان أية منازعات تنشأ بين الطرفين حول تفسير أو تنفيذ اى بند من بنود هذا العقد سواء كانت ناشئة عن مسئولية عقدية او غير عقدية تحال الى هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة أفراد رؤساء الهيئات القضائية الحالتين او السابقين ويكون اختيارهم ملزما للطرفين بتاريخ 8/4/2001 وجهت الشركة المدعى عليها للشركة المدعية إنذار يتضمن اللجوء الى التحكيم وفقا للبند الثامن من عقد البيع سالف الذكر و ان الشركة المدعى عليها قامت بتعيين المستشار الدكتور / ……….. محكما عنها ، وذلك الحكم بالزام الشركة المدعية بتسليم البواخر بكافة مشتملاتها موضوع عقد البيع المبرم بينهما وكافة الاستحقاقات المالية والتضمينات من اى نوع كانت عما فات الشركة المدعى عليها من كسب وما لحقها من خسارة وبتاريخ 27/12/2001 أصدرت هيئة التحكيم المشكلة من السادة المستشار /……… رئيا ، والمستشار الدكتور /……….. محكما عن الشركة المدعى عليها والدكتور /…………. محكما عن الشركة المدعية فى حكمها بالاتى :
أولا : برفض كل دفوع الشركة المحتكم ضدها والدعوى الفرعية .
ثانيا : اعتبار عقد البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية المؤرخ 12/3/2000 مفسوخا تطبيقا للشرط الفاسخ الصريح والزام الشركة المحتكم ضدها (المدعية) برد وتسليم الباخرتين السياحيتين … ، … الى الشركة المحتكمة فى حالة صالحة للتشغيل الملاحى والسياحى مع تراخيصها الصادرة من السلطات المختصة مثلما تسلمتها وإلزامها بمقابل انتفاع الباخرتين قدره (مليونا وخمسمائة ألف جنيه) وسنويا من يوم 12/3/2000 حتى تاريخ الرد والتسليم ويستنزل مبلغ الانتفاع عن المبالغ المسددة من قيمة البيع وإلزام الشركة المحتكمة (المدعى عليها) برد باقى المبلغ الى الشركة المحتكم ضدها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات .. وقامت الشركة المدعية باقامة الدعوى رقم 18/119ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكم هيئة التحكيم المذكر عاليه وبجلسة 30/4/2002 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان حكم التحكيم المطعون فيه وألزمت الشركة المطعون ضدها بالمصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . وبتاريخ 5/6/2002 فوجىء الطاعن بالمدعى عليها بإخطارها بإنذار على يد محضر متضمن اللجوء للتحكيم واختيار الدكتور / … محكما عنها الحكم ضدها بإلزامها بتسليم الباخرة بكافة مشتملاتها موضوع عقد البيع المبرم بين الشركة المدعية والمدعى عليها المذكور وكافة الاستحقاقات المالية والتصفيات من أى نوع كانت وعما فات الشركة المدعى عليها من كسب وما لحقها من خسارة وانتهى فى إنذارها بتكليف المدعية بتعيين محكما عنها فى التحكيم الذى نص عليه البند الثامن من عقد البيع المنوه عنه .
وحيث انه بصدور حكم هيئة التحكيم بتاريخ 27/12/2001 تنتهى اجراءات التحكيم إعمالا لنص المادة /48 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 كما تنتهى اجراءات التحكيم بمرور مدة سنة من بدء اجراءات التحكيم السابق وفقا لاحكام المادتين /45 ، 48 من قانون التحكيم ، وذلك بدأ من تاريخ 8/4/2001 بتعيين المدعى عليها محكما عنها بصدور حكم التحكيم فى 27/12/2001 وصدور حكم بطلان حكم التحكيم فى 30/4/2002 ، الامر الذى حدا بالمدعى بصفته الى اقامة دعواه الماثلة بغية الحكم بطلباته . وقدم سندا لدعواه حافظة مستندات طويت على :
- صورة ضوئية من عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 محررا فيما بين طرفى التداعى .
- صورة ضوئية من انذار المدعى عليها للمدعى اللجوء الى التحكيم تعلن بتاريخ 8/4/2001 .
- صورة ضوئية من حكم التحكيم الصادر بجلسة 27/12/2001 .
- صورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 30/4/2002 محكمة استئناف ببطلان حكم التحكيم .
- صورة ضوئية من الانذار الثانى الموجه من المدعى عليها للمدعية بتاريخ 5/6/2003 محكما عنها لاجراءات التحكيم الثانى .
وحيث ان الدعوى قد تداولت بالجلسات أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضرها مثل خلالها المدعى عليه بصفتها كل بوكيل عنه (محام) ودفع الحاضر عن المدعى عليها بعم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وبجلسة 17/12/2002 قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية لكتابات فقهية بشأن التحكيم كما قدم مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته بصحيفة دعواه ، وبجلسة 4/2/2003 قدم حافظة مستندات طويت على صورة رسمية من السجل التجارى للشركة المدعى عليها ومذكرة بدفاعه طلب فى ختامها رفض الدفع المدى بعدم قبول الدعوى والحكم بطلباته وطلب التصريح برفع الدعوى الدستورية عن نص المادة 22/1 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، وبجلسة 18/2/2003 قدم حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من عرضة الدعوى رقم 17336/2003 مدنى كلى جنوب القاهرة ، وقدم الحاضر عن المدعى عليها مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها الى هيئة التحكيم ، وبتلك الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 22/3/2003 ، ثم مد أجل الحكم بجلسة 29/4/2003 لإتمام المداولة ، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة للمرافعة للسبب بقرارها والذى تحيل اليه المحكمة فى بيانه منعا للتكرار ، وبجلسة 27/5/2003 قدم الحاضر عن الشركة المدعية حافظة مستندات طويت على :
- صورة ضوئية من عريضة جنحة مباشرة شبك بدون رصيد من الشركة المدعى عليها ضد الشركة المدعية ( الممثل القانونى لهام ) عن الشيك رقم ………/………. بمبلغ خمسمائة ألف جنيه .
- صورة ضوئية من صحيفة أخرى عن الشيك الثانى برقم ……/…… بمبلغ خمسمائة ألف جنيه حق …./../…. ، بجلسة 1/7/2003 قدم حافظة مستندات طويت على شهادة من قلم الجدول محكمة جنوب القاهرة فى الدعوى رقم 17336/2003 مدنى كلى جنوب القاهرة ، وبجلسة المرافعة الاخيرة قدم حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من انذار مرسل من المدعى عليهما للمدعى بطلب قيمة كمبيالات موضوع العقد المبرم بينهما .
- صورة ضوئية من عريضة الدعوى رقم 1331/2003 تجارى كلى جنوب القاهرة فى تلك الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم .
وحيث انه عن الدفع بعدم قبول الدعوى وكذا عدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظرها لوجود شرط التحكيم وعن موضوع الدعوى ، ولما كان من المستقر عليه فقها وقضاء ان البطلان هو وصف لحق عملا معينا لمخالفته للقانون يؤدى الى عدم انتاج الاثار التى يرتبها القانون على هذا العمل لو لم يكن معينا كما انه يرتب على تقديره ان يعيد كل من المتعاقدين الى الحالة التى كانا عليها قبل العقد وفقا للنظرية العامة بحلله من اثر رجعى ، ولما كان الثابت من الدعوى الماثلة انه الحكم الصادر من هيئة التحكيم فى النزاع القائم بين طرفى التداعى بجلسة 27/12/2001 قد طعن عليه من الشركة المدعية بالاستئناف الرقيم 18/119ق القضى فيه بجلسة 30/4/2002 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان حكم التحكيم المطعون فيه مما مؤداه بطلان كافة ما رتبه من اثار وإعادة المتعاقدان الى الحالة التى كانا عليها قبل صدور هذا الحكم …
وحيث انه من المقرر بنص المادة /45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1997 ان على هيئة التحكيم اصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذى اتفق عليه الطرفان فاذا لم يوجد اتفاق وجب ان يصدر الحكم خلال اثنى عشر شهرا من تاريخ بدء اجراءات التحكيم وفى جميع الاحوال تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على الا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك .
واذا لم يصدر حكم التحكيم المشار اليه فى الفقرة السابقة جاز لاى من طرفى التحكيم ان يطلب من رئيس المحكمة المشار اليها فى المادة /9 من هذا القانون ان يصدر امرا بتحديد ميعاد اضافى او بانهاء اجراءات التحكيم ويكون لاى من الطرفين عندئذ رفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلا بنظرها.
ومن المقرر بنص المادة /27 من القانون سالف الذكر ان تبدأ اجراءات التحكيم من اليوم الذى يتسلم فيه المدعى عليه طالب التحكيم من المدعى ما لم يتفق الطرفان على موعد اخر .
ومن المقرر فى قضاء محكمة النقض ان مقتضى خلو شرط التحكيم من ميعاد الحكم الذى بصدوره الحكم هو وجوده مراعاة الميعاد الذى حدده القانون ولا يجوز تعديل مشارطة التحكيم الا باتفاق الطرفين المحتكمين ( نقض 30/11/1961 سنة 12ق ، ص 730 ) .
وحيث انه هدية بما تقوم وأخذا به وكان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف ببطلان حكم التحكيم هو حكم حائز للحجية فيما فصل فيه وكذا قوة الشىء المقضى به بحسب ان دعوى البطلان ليست طريقا عاديا للطعن ، ولما كان هذا وكانت هيئة التحكيم قد استنفدت ولايتها بإصدارها حكمها النهائى المقضى ببطلان حكم التحكيم ، وان الثابت من استقراء المحكمة للبند الثامن من عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 وكذا كافة بنوده الاخرى انه قد جاء خلوا من الاتفاق على تحديد ميعاد محدد لانتهاء اجراءات التحكيم او امتداد ميعاده مما مفاده إعمال الميعاد المقرر قانونا بنص المادة 45/1 من قانون التحكيم سالفى البيان .
ومن ثم فانه ترتيبا على ما تقدم ولما كانت اجراءات التحكيم قد بدأت منذ تاريخ 8/4/2001 بانذار المدعى عليها للشركة المدعية باللجوء الى التحكيم وكان حكم التحكيم قد صدر بتاريخ 27/12/2001 وقضى ببطلان بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف على نحو ما سلف ذلك بتاريخ 30/4/2002 .
الامر الذى يبين معه للمحكمة استنفاد الميعاد المحدد قانونا وهو اثنى عشر شهرا المستوجب انهاء اجراءات التحكيم ، سيما وانه لم يقطع تقادمه ثمة اجراء .
وحيث انه عما قد يثور من القول من أعمال شرط التحكيم مرة اخرى فى ضوء انذار الشركة المدعى عليها للشركة المدعية بتاريخ 5/6/2002 باللجوء للتحكيم مرة أخرى وفى ظل غياب المشرع عم معالجة اثر الحكم ببطلان حكم التحكيم على سريان شرط التحكيم او اللجوء الى القاضى الطبيعى ، ذلك بنص صريح قاطع ، وكان من المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض ان منع المحاكم من نظر النزاع عند وجود شرط التحكيم لا يكون الا اذا كان تنفيذ التحكيم ممكنا ويكون للطاعن المطالبة تجعلها وحتى لا تحرم من غرض منازعتها على أية جهة للفصل فيها ان تلجا للمحاكم لعرض النزاع عليها من جديد لانها هى صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى جميع المنازعات الا ما استثنى منها بنص خاص .
( نقض 14/4/1970 لسنة 21ق ، ص 598 ، نقض 5/3/1975 لسنة 36ق ، ص 575 ).
وان التحكيم ماهيته طريق نقض الخصومات قوامه . الخروج على طرق التقاضى العادية وعدم التقيد باجراءات المرافعة المقررة امام المحاكم مع التزام الحكم للأصول الاساسية فى التقاضى وعدم مخالفة ما نص عليه فى باب التحكيم مادة 156/1 مرافعات عليه ذلك الالتجاء للتحكيم قصد به اختصار الوقت وتفادى طول الاجراءات .
(نقض 30/11/1998 طعن رقم 1403 لسنة 55ق ، نقض 9/3/1983 سنـــة 33 العدد الاول ، ص 286 ) .
وأيضا ان محكمة الموضوع سلطتها فى فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف المقصود منها شرطة تبيان الاعتبارات المقبولة التى دعتها الى الاخذ بما تثبت لديها والعدول عما سواه .
( نقض 18/5/1989 طعن رقم 740 لسنة 52ق ) .
وحيث انه هديا بما تقدم وأخذا به وكان هيئة التحكيم قد استنفدت ولايتها بموجب الحكم الصادر فيها والذى قضى ببطلانه ، وكان المشرع قد تغياه من إجازة سلب اختصاص القضاء العادى واللجوء الى التحكيم حكمه التيسير على المتعاقدين وتفادى طوال اجراءات وسرعة الفصل مع الاخذ فى الاعتبار ما يتفق عليه المتعاقدين وهو ما فصح عنه تحديد ميعاد اقصاه اثنى عشر شهرا لانتهاء اجراءات التحكيم فى حالة غياب اتفاق المتعاقدين على تحديده وفى ظل استقراء المحكمة لبنود عقد البيع المؤرخ 12/3/2000 ، ولما كانت ارادة المتعاقدين طرفى التداعى فى الدعوى الماثلة لم تتجه الى الاشارة نحو امتداد التحكيم مرة اخرى بعبارة صريحة لا تربو اليها ثمة شك او تأويل وان الشركة المدعى عليها فضلا عن نزولها عن الرخصة المخولة لها بنص المادة 45/2 من قانون التحكيم فى حق التقديم بطلب للمحكمة بتحديد ميعاد اضافى لاصدار حكم التحكيم اكتفاء بانذار الشركة المدعية على غير مقتضى النص فإنهاء لم تنهض الدليل على وجود اتفاق لاحق على امتداد التحكيم واللجوء اليه مرة اخرى صريحا كان لم ضمنيا ، ومن ثم فان القول باللجوء الى التحكيم مرة اخرى لا يعدو وان يكون الا إهدار لرغبة المشرع فى سعيه الحثيث نحو تفادى طول الاجراءات وللوصول الى الفصل فى المنازعة على الوجه الصحيح فى أسرع وقت فضلا عن افساح الطريق للعبث بمصالح ومقدرات الخصوم فى ظل تصور تكرار اللجوء الى التحكيم الى ما لا نهاية ، وهو ما يعد افتئات على حق الشركة المدعية فى العودة الى قاضيها الطبيعى ، سيما وان الشركة المدعى عليها قد ساهمت بخطئها فى ابطال حكم هيئة التحكيم بعدم طرحها الطريق القانونى الصحيح ، المحكم المرجح على النحو الوارد بأسباب حكم البطلان وأدان المحكمة ، وقد انتهت الى حق الشركة المدعية فى إنهاء اجراءات التحكيم ، ومن ثم عودتها الى القاضى الطبيعى ، فإنها تكون قد صادفت صحيح ارادة المشرع من أعمال نص المادة 45 من قانون التحكيم ، الامر الذى بات معه قاله الدفع بعدم قبول الدعوى وكذا الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى ، قد جاء على غير سند من الواقع والقانون متعينا رفضه ويتعين معه القضاء للشركة المدعية بطلباتها على نحو سيرد بمنطوق هذا الحكم .
وحيث انه عن طلب التصريح برفع الدعوى الدستورية عن نص المادة 22/1 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، ولما كان من المقرر بنص المادة 29/ب من من القانون رقم 48 لسنة 1979 باصدار قانون المحكمة الدستورية العليا انه :
اذا رفع احد الخصوم أثناء نظر دعوى امام المحاكم او الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص قانون او لائحة ورأت المحكمة او الهيئة ان الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن اثار الدفع ميعاد الا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك امام المحكمة الدستورية العليا فاذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن .
ومن المقرر فى قضاء محكمة النقض ان الاحكام الصادرة فى الدعوى الدستورية هى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الى الخصوم فيها الى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى تكون لها حجية مطلقة ، بحيث لا تقتصر أثرها على الخصوم فى الدعوى التى صدرت فيها ، وإنما ينصرف هذا الاثر الى الكافة ويلتزم بها جميع سلطات الدولة . ( نقض 24/11/1993 الطعن رقم 1444 لسنة 5ق ) .
وحيث انه بالبناء على ما تقدم وكان الحاضر عن الشركة المدعية قد دفع بعدم دستورية المادة 22/1 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وطلب بمذكرة دفاعه التصريح برفع الدعوى الدستورية .
ولما كان هذا ، وكان الطعن علة نص المادة أنفة البيان قد تنازلت حيثيات الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/12/2002 فى الدعوى رقم 50/66 لسنة 22ق دستورية المنشور بالجريدة الرسمية العدد 52 فى 26/12/2002 ص 249 المقضى فيه برفض دعوى عدم دستورية الفقرتين الاولى والثانية من المادة (13) والفقرة الاولى من المادة 22 من قانون التحكيم المواد المدنية والتجارية الصادر رقم 27 لسنة 1994 ، الامر الذى تستظهر معه المحكمة فضلا عن حجية الحكم المتقدم عدم جدية الشركة المدعية فى طلبها مما لازمه الالتفات عنه .
وحيث انه عن المصاريف شاملة أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المدعى عليه بصفته عملا بنص المادتين 184/1 مرافعات ، 187 قانون رقم 17 لسنة 1983 .
وحيث انه عن النفاذ فهو واجب بقوة القانون بشرط تقديم كفالة عملا بنص المادة 289 من قانون المرافعات .
فلهذه الاسباب
حكمة المحكمة فى مادة تجارية :
أولا : بفض الدفع المدى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم .
ثانيا : برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى .
ثالثا : فى الموضوع بانتهاء اجراءات التحكيم فيما بين المدعى والمدعى عليه بصفتهما محل أعمال البند الثامن من عقد البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية المؤرخ 12/3/2000 وألزمت المدعى بصفته بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيها مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من طلبات .